كنت أجلس في هدوء، أقرأ وأشاهد التلفاز في ذات الوقت، لعلي أجد ما يشدّني.. وفجأة سمعت خبرًا يُبث على إحدى المحطات الإخبارية العربية، عن إنعقاد "مؤتمر القمة الاسلامي العالمي لمكافحة الإرهاب ".. حتى هنا لم يكن الخبر غريبًا جدًا.. الى أن فهمت أن المؤتمر يعقد في مكة.. !! وما أدراكِ يا مكة بالإرهاب.. !!
قمت بعدها ببحث صغير، محاولة مني التأكد من أن استغرابي في مكانه، فكيف للسعودية أن تبحث في "محاربة الارهاب"، وهي مثلاً، يتم حكم الاعدام فيها على، من يرتد عن الاسلام ويرفض الرجوع ، من يجدف على الله، من يعبد الأصنام، من يمارس السحر، الشاذ الجنسيًا، ومن يحرض على الحكومة ومن يشرك بالله.. هذه كلها أحكام اعدام على حريات شخصية، فلكل شخص الحق في خياراته ما دام لا يؤذي غيره.
وليس هذا فحسب بل يقطعون رؤوس هؤلاء وغالبًا على الملا، أمام الناس والمارة.، ليصبحوا عبرة لمن اعتبر... ويقطعون يد السارق، اليس هذا تدريبًا على الارهاب والاجرام؟ واليس منع غير المسلمين دخول مكة، ما هو الّا ارهاب فكري، يضع صبغة على المسيحيين واليهود وغيرهم أنهم نجسين، لذا يجوز لك تجاوز حدودك معهم، فَهُم كفّار؟؟
حتى لا يُساء فهمي، هذا طبعًا لا ينفي أنني شخصيًا أعتبر عبادة الأصنام والسحر وغيرها إثمًا ..لكن ليس لي الحق، الّا أن أحاول هداية الشخص الى طريق الحق. وأما القضايا الاجرامية مثل القتل والسطو وتهريب المخدرات والتي حكمها أيضًا حكم الاعدام، فإن طريقة وقرار الاعدام هو أسلوب لا يفي قضيتنا اليوم بشيء.
أن تعطي للجراثيم أرض خصبة من غذاء ودرجة حرارة ، تجعلها تتكاثر الى أن تصبح مسببة للأمراض وحتى فتّاكة. اليس من تربى في أجواء كتلك، يغذّي السلبية وعدم قبول الآخر وعدم مسامحة المختلف أو حتى المخطيء، الى أن يصبح فاشيًا ارهابيًا في الفكر وحتى الفعل؟؟
لن أناقش هنا ان كانت داعش من صنع امريكا أم اسرائيل كما يقول البعض، لكنني أناقش أن داعش والارهابيين غيرهم، حين يرون السعودية حامية الحرمين، تقطع الرؤوس، الأيادي، بسبب "خطية" ، يمكنهم الارهاب بحق من يرونه يستحق..
نحن اليوم أبطال طفولة جيل جديد، كما كان من سبقنا من والديّن، معلمين وقادة بالنسبة لنا.. فما يسمعونه منّا ويروننا نقوم به، سيُغذّي فكرهم وينمّي ما هو مسموح ومقبول حين يصبحون هم أبطال طفولة جيل أحفادنا ويسلمون الشعلة لهم. ففي أوضاع عالمية كهذه، مليئة بالكراهية والبغضاء، الاجرام والارهاب، ما على الدول الا اعادة صياغة اجراءاتها، وفحص صحة مرجعيتها، حتى نستبق الأحداث ونحاول تغيير مستقبلاً سيسوء حاله أكثر لما رآه هذا الجيل أمامهم وتربوا عليه.
أحب قريبك كنفسك.. أحبوا أعداءكم وباركوا لاعينكم.. هذه هي المرجعية تستحق أن تُبنى عليه دساتير وقوانين وأنظمة..
~~جرثومة في أجواء خصبة.. تتكاثر، فتصبح ارهابية..