قبل حوالي ألفي عام، بينما المسيح يبشر ويكرز ويشفي جميع المتسلط عليهم ابليس، قال لأتباعه: "بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله" (إنجيل يوحنا، إصحاح 16، عدد 2).
وها نحن أمام مشاهد مروّعة من ذبح وقتل واضطهاد وتهجير لأناس فقط لأن اسم المسيح دعي عليهم، دون ذنب أو سبب، معتقدين بذلك أنهم يقدمون خدمة لله. ها نحن أمام تحقيق نبوءة سبق السيد المسيح وأنبأ بها، علما منه أنه كما هو اضطهد كذلك أتباعه. أمر آخر تنبأه المسيح هو أنه في آخر الأيام ستكون أزمنة صعبة جدا، منها تلك التي نشهدها في أيامنا، بالإضافة إلى الضيقات الأخرى المتكاثرة بل والمتسارعة في التكاثر، خطايا ورجاسات على أشكالها وأنواعها، نستطيع أن نرى الانحلال الخلقي الذي يتفشى في أرجاء المعمورة، ناهيك عن الكوارث الطبيعية التي تشهدها الكرة الأرضية، والتي لم يعهدها الأجداد السابقة من قبل، كالتسونامي والهزات الأرضية المتفاقمة في الأيام الأخيرة، الحروبات، المجاعات، الأوبئة وغيرهم.
صحيح أنه على مر العصور كانت هناك أزمنة صعبة مشابهة لتلك المذكورة، ولكن ليس بهذا التفاقم والبشاعة و"التطور"، التي آلت إلى هذه الصورة والتفاقم الذي تشهده أيامنا فقط في القرنين الأخيرين، وكل سنة تمر نشهد تسارعا متزايدا في التفاقم لم نعرفه من قبل.
كما يتحضر الجميع في هذه الأيام "بشغف وحماس" للحملة الانتخابية القريبة، ليتنا في هذه الأيام نتحضر ونتجهّز للأيام القادمة، ليتنا نفهم وندرك ولا نغفل لما يدور من حولنا، لنواجه الحقائق بدراسة وتمعن دون التهرب منها، نراجع حساباتنا بجدية ونسهر ونصحو للاهتمام بحياتنا وعدم المقامرة بها، لنفتش عن الخلاص من الخطية الساكنة فينا فلا ننجرف وراء خطايا ومتدهورات العصر.
علينا بقول المسيح: "اسهروا اذا لأنكم لا تعلمون في اية ساعة يأتي ربكم" (إنجيل متى، إصحاح 24، عدد 42)، والحديث هنا عن السهر الروحي.
في حديثه عن آخر الأيام يقول الرسول بطرس: "فبما ان هذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى" (2 بط 3 : 11).