عرضنا في المقال الأول أربع مدارس لاهوتية. تؤمن أثنتان بلاهوت العهود وأثنتان بلاهوت التدابير. وبعد تقديم هذه المدارس الأربع حري بنا أن ندرس كل واحدة منها على حدة. وسنبدأ تفصيل موقف المدرسة التقليدية في لاهوت العهود. من الواضح من اسم المدرسة أن التركيز هو على العهود. فإن مجد الله يُعلن من خلال هذه العهود. فعن أي عهود نتحدث؟ يؤمن أتباع هذه المدرسة بعهد الفداء يليه عهد الأعمال ثم عهد النعمة. ولقد تمّ عهد الفداء بين الأقانيم الثلاثة قبل تأسيس العالم. أما عهد الأعمال فقد ظهر في علاقة الله مع آدم وحواء. وبعد سقوطهما بدأ عهد النعمة كما نرى في تكوين 3: 15 عندما تحدث النص عن نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية. وتجسّد هذا العهد في خمسة عهود في صفحات العهد القديم. وهي العهد مع نوح (تكوين 9)، وابراهيم (تكوين 12، 15، 17)، وموسى (خروج 19 – 24)، وداود (2 صموئيل 7)، والعهد الجديد المذكور في سفر ارميا (ار 31: 34). وهكذا يؤكد أتباع هذه المدرسة استمرارية عهد النعمة في زمن العهدين القديم والجديد.
من هذا المنظار، خلاص المؤمنين في العهدين هو بالنعمة بالإيمان بالمسيح. آمن مؤمنو العهد القديم بالمسيح الآتي بينما آمن مؤمنو العهد الجديد بيسوع الناصري (لو 22: 37؛ 24: 25 – 27). ويؤكد أتباع هذا الفكر أن أنبياء العهد القديم أدركوا أهمية موت المسيح وتألمه (مزمور 2، 16، 22؛ أش 53) بالرغم من عدم معرفتهم تفاصيل هوية المسيح. وهكذا قدم هابيل ذبيحة أفضل لأنها ترمز إلى المسيح، ورأى إبراهيم يوم المسيح وفرح (يو 8: 56)، وحسب موسى عار المسيح أفضل من خزائن مصر (عب 11: 26). فهناك وحدة بين أتباع الرب عبر العصور بفضل عهد النعمة والإيمان المشترك بالمسيح مخلص أتباع الرب في العهدين القديم والجديد.
ويضيف أتباع هذه المدرسة أن الكنيسة هي إسرائيل، والذبيحة هي يسوع المسيح، وأن الكهنوت لكل المؤمنين بالمسيح، والهيكل هو قلوب المؤمنين، والأرض الموعودة هي ملكوت الله. ولهذا لا يوجد أي دور لليهود في المستقبل سواء أكان الأمر متعلقا بملكية الأرض أو بوعود العهد القديم. وتلخص القائمة أدناه موقف هذه المدرسة الفكرية. استندت القائمة أدناه إلى إحدى محاضرات القس أليكس عوض في كلية بيت لحم للكتاب المقدس.