دولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة تريزا مي الفاضلة
أنا فلسطيني ولدت في القدس عام 1946 خلال الانتداب البريطاني لفلسطين. خلال الحرب العربية الاسرائيلية وتحديدا في أيار 1948 عندما كانت في الثانية من عمري قُتل والدي وهو مواطن مدني خلال تبادل النيران بين عصابات الهاجاناة الصهيونية والجيش الأردني فترملت والدتي لتعتني بسبعة أطفال. شقيقى الأكبر كان عمره إحدى عشرة سنة بينما شقيقتي الصغرى كان عمرها ستة أشهر.
بعد مقتل والدي هربنا و أصبحنا لاجئين. وعندما كبرت وبدأت أسأل أسئلة حول سبب وفاة والدي وسبب النزاع العربي الإسرائيلي وعن الأمور التي أدت إلى عذاب ملايين من الفلسطينيين واليهود في المائة سنة الماضية.
مع مرور الوقت عرفت عن إعلان بلفور والانتداب البريطاني لفلسطين. وعلمت انه في عام 1917 أرسل آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا رسالة ( سُميت في ما بعد إعلان بلفور) إلى اللورد روتشايلد والقادة الصهاينة وعدهم خلالها بإقامة دولة لليهود في فلسطين. بعد الحرب العالمية الثانية ورغم رفض شعبنا، قام البريطانيون باستعمار فلسطين وسمحوا للحركة الصهيونية السيطرة على وطننا.
دولة رئيسة الوزراء،
لا يمكن لدولتك أن تغير التاريخ المأساوي الذي حدث خلال مائة عام. كل غنى بريطانيا العظمى لايمكن أن يعوضني وآخرين من أبناء بلدي عن القتل والجراح وخسارة بلادنا والمعاناة التي حلت علينا ولا تزال بسبب إعلان بلفور والقرارت الغاشمة لمن سبقوك. أنظر إلى الخلف فقط لأذكرك بالظلم الجائر الذي حل بشعبنا والذي كان أحد أسبابه سياسات المملكة المتحدة.
أنا لا أسعى الى عتذار او تعويض. وكفلسطيني مسيحي أقدم لك وللشعب البريطاني العفو الكامل.
وعندما أنظر الى المستقبل، أعتقد أن حكومتك تستطيع أن تساعد في إنهاء الصراع الإسرائيلي- العربي ودفن ذكرى وعد بلفور .أطالبك بالتحلي بالشجاعة والإصرار على ذلك.
بريطانيا كانت من الدول الأولى التي شاركت في صنع النزاع ولذلك يجب أن لا تكون آخر الدول التي تأخذ قرارت إيجابية لحله.
هذا العام يشكل الذكرى المئوية لإعلان بلفور، و حكومتكم تستطيع مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين أن يبدأوا البحث عن طريق للحل ولمصالحة عادلة وصادقة.
تمنياتي أن يكون عام 2017 العام الذي تقوم بريطانيا باتخاذ قرارت بشأن إسرائيل وفلسطين بصورة مستقلة عن تأثير وإملائات الولايات المتحدة.
كخطوة أولى في هذا المجال يجب الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. إذا أخذت حكومتكم قراراً جريئاً كهذا، ستقوم دول أوروبية مترددة بالعمل نفسه. لقد اعترفت 138 دولة بما فيها الفاتيكان بالدولة الفلسطينية.
ان إسهاماتكم بإنهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لن ينقذ حياة إسرائيلين وفلسطينين ولكنه سيدخل المنطقة بأكملها في فترة سلام وسيساعد في إنهاء الصراعات الدموية والعنيفة في مناطق أخرى من الشرق الأوسط والعالم.
دولة رئيسة الوزراء،
لتكن بريطانيا العظمى السباقة في الشروع في السلام تحت قيادتكم الحكيمة والشجاعة.
القس أليكس عوض
كاتب ومرسل متقاعد مع الكنيسة المثدوية الجامعة
ولد القس اليكس عوض في فلسطين ولعقود كان مرسلا للكنيسة المثدوية. القس اليكس كان يخدم في كنيسة القدس الشرقية المعمدانية وكان عميد الطلاب في كلية بيت لحم للكتاب المقدس ورئيس مؤسسة الراعي للخدمات الإنسانية في بيت لحم.
له كتابان: الذاكرة الفلسطينية: قصة أم فلسطينية وشعبها ، وكتاب الصراع العربي الإسرائيلي من وجهة نظر الضحية.