عوامل كثيرة تقود الكنيسة لتتقوقع وتقصي نفسها عن المجتمع او الدولة التي تتواجد بها-بعضها اجتماعي وبعضها بسبب فهم خاطئ لفقرات من الكتاب المقدس التى اخرجت من سياقها.
وتنتشر هذه الظاهرة في ايامنا نظرا لشرور العالم وصعوبة وجود الكنيسة بين عالم بعيد عن الله. فانخراط الكنيسة لتقوم بدورها الحقيقي كملح ونور في العالم يتطلب تميزها وابتكارها ويقظتها ونشاطها. ان نتائج هذا التقوقع للكنيسة وخيمة وتتلخص فيما يلي:
1-كسر وصية الرب الذي اظهر بنفسه نموذجا لتفاعل وانخراط مع الناس فأكل وشرب مع عامة الناس وعليائها وتحاور معهم كما انه طلب من الكنيسة بوضوح ان تكون نورا للعالم.
2- فقدان الفعالية : اذ ان التقوقع يفصل الكنيسة عن الحقل الذي طلب الرب ان نكون فيه لكي نباركه. الانفصال والاقصاء يبعد الكنيسة عن النفوس التي طلب الرب ان نكون ذراع الرب وصوته لها وفيها. اذا كانت بعيدة، فكيف تؤثر الكنيسة على حياة الناس؟
3- تقوقع الكنيسة يشكل في اذهان الناس فكر معاق تجاه كنيسة الرب. بابتعاد الكنيسة وتقوقعها بعيدا عن هموم واحلام الناس يشكل الناس الفكرة ان الكنيسة هي حركة تصوفية او روحانية بافضل الاحوال وهي ليست ذات صلة بالناس. وعندها يعتبر الناس الكنيسة مؤسسة استعلائية انانية متمركزة حول نفسها-بعكس ما اراد لها الرب ان تكون. بهذه الحالة يرى الناس ان الكنيسة غير مهتمة بالغير وتعيش بين جدران ابنيتها وفقدت الحس والرحمة وامتنعت عن سبق الاصرار ان تتفاعل مع مجتمعها. تصبح صورة الكنيسة في اذهان الناس مشوهة وبالتالي تتشوه صورة الله في اعين الناس لما رأوه من توجه الكنيسة. اذا رأى الناس ان الكنيسة تشمئز منهم لابتعادها عن مشاكلهم فسيرفضونها ويرفضون من تدعي الكنيسة انه الهها.
4- بعدم انخراطها وبقلة تفاعلها مع الحقل الذي دعاها الرب له تلتهي الكنيسة بنفسها. يعيش اعضاء الكنيسة وقادتها بفراغ ويقضون وقتهم في مشاكلهم ومنافساتهم وصراعاتهم. تضيع السنين في مماحكات بشرية بدل التفاعل مع المجتمع والعمل ان على تقريب الناس للاله الحي ولبث قيم الملكوت فيه.
5- بتقوقع الكنيسة لا يتمتع المجتمع بالنور والحق الذي انعم الله به على الكنيسة ويغرق المجتمع في غياهب ظلمة الجهل او الفلسفات الانسانية العقيمة.
6-بابتعاد الكنيسة وتقوقعها سيكون الناس فكرة ان الكنيسة لا تملك اي اجابات للعالم العصري وانها مجرد مؤسسة بائدة عديمة الفعالية والصلة بمشاكل وقضايا العالم اليوم. مؤسسة خالية من الاجابات تعتبر عديمة الاهمية ولا يلتفت احد اليها ولا لصوتها ولا لمبادئها. ان مطلب الساعة هو قيام كنيسة القرن الواحد والعشرين من القبر وان تعلن ان التقوقع ليس خيارا وانه من الضروري ان تصل رسالتها ولمستها وصوتها النبوي للعالم حولنا.