خلال أسبوعين شهد العالم سلسلة من الكوارث الطبيعية المكثفة من اعاصير وهزات أرضية. ويثير ذلك ملاحظات لا بد منها:
1- قبل عشر أيام قتل أكثر من 1200 شخص في فيضانات في الهند، البنغلادش ونيبال. وفي الأيام الأخيرة لقى 90 شخصاً على الأقل حتفهم في الهزة الأرضية في المكسيك. لم يلتفت العالم الا قليلاً لهذه المأساة الإنسانية الهائلة في المنطقتين. اما الاعصاران في تكساس وفلوريدا فقد افتتحا نشرات الاخبار في كثير من بلدات العالم. للأسف فان الدول العظمى ذات الموارد الهائلة ووسائل الاعلام المنتشرة تحظى بالاهتمام والتغطية الإعلامية بينما لا تستقطب مآسي الدول الفقيرة أي اهتمام. بحسب معايير البشر - قيمة البشر تتعلق بعرقهم ووطنهم ولونهم ودينهم.
نشكر الله ان قيمة البشر متساوية في نظره.
"لأنه لا فرق بين اليهودي واليوناني، لان ربا واحدا للجميع، غنيا لجميع الذين يدعون به" (رومية 10: 12).
2- يعيش الانسان وكأنه مركز الكون. فيحارب اخاه بسبب مواضيع تافهة كما ويسعى ليجمع الثروة وليرتقي بالعلم. فوق الكل يعيش بمعزل عن الله.
وعندما ترتفع سرعة الرياح المتجهة اليه لمئتي كيلومتر بالساعة يشعر الانسان بضعفه وهشاشة ما جمعه وبناه. هزة أرضية بسيطة ترعبه وترتعد فرائصه فيفرّ هارباً او يركن الى ملجأ آمن.
وتنقلب الأحوال عند من عاش قبل ذلك مستقلاً عن الله مستبيحاً كل الشرائع الدينية ومجدفاً على الله ومستهيناً بأي انذار. فيصبح أثر "خلل" كوني يتمثل بكارثة طبيعية مؤمناً وضارعاً لله ومطالباً برحمته واحسانه وحمايته. أما كان أجدر التمسك بالله قبل خطر الموت او الضرر؟
"ام تستهين بغنى لطفه وامهاله وطول اناته، غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة؟ ولكنك من اجل قساوتك وقلبك غير التائب، تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رومية 2: 4-5).
3- يخطئ من يضع التفسيرات الغيبية لحدوث هذه الكوارث في هذه المنطقة او تلك. وقد رأينا في الماضي رجال دين او "عالمين بالغيب" او "انبياء" يقومون بذلك. فهذا يقول انها بسبب عدم توبة الشعب وآخر انها بسبب السماح بالاجهاض او زواج المثليين وغيرها من "الإعلانات" الغيبية التي لا تمت لله بصلة. وبعض هؤلاء يغالي في التفسير فيدعي ان سبب العقاب الإلهي هو عدم الوقوف الى جانب اسرائيل!! ان حكمة الله ترتفع فوقنا ولا نستطيع فهمها ويكذب من يختلق التفاسير لكل ظاهرة طبيعية.
"يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما ابعد احكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لان من عرف فكر الرب؟ او من صار له مشيرا؟ (رومية 11: 33- 34).
4- خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في أمريكا تعهد المرشح دونالد ترامب بتبجح بأنه سيبطل اشتراك الولايات المتحدة في اتفاقية باريس الدولية المتعلقة بالمناخ. نصت الاتفاقية الدولية ان دول العالم الملتزمون بها سيفعلون ما بوسعهم ليمنعوا او يخففوا الاحتباس الحراري على الكرة الأرضية. أعتقد ترامب انه كأقوى رجل في العالم قادر على تحدي التغييرات المناخية. وفعلاً انسحبت أمريكا بعد انتخاب ترامب. الاعصاران اللذان ضربا أمريكا بالذات خلال أسبوعين هما إشارة لما سينتج عن اهمال الاحتباس الحراري العالمي ومنها ازدياد الأعاصير والحرائق الهائلة وغيرها. انها صفعة لترامب.
"لا تضلوا! الله لا يشمخ عليه. فان الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا." (غلاطية 6: 7)
5- يتوجب الصلاة لكل من هو تحت خطر الإصابة من هذه الكوارث ولا مكان للشماتة او الادعاء ان هذا عقاب من الله. فكلنا معرضون لذلك وليس الناجي من الكوارث افضل من الواقع تحت رزحها.
"وكان حاضرا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم. فقال يسوع لهم: «اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا؟ كلا اقول لكم. بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لوقا 13: 1-3)