نشر موقع هآرتس باللغة العبرية مقالا يوم الخميس 16.11.2017 عن انخفاض دراماتيكي )اكثر من 50% في آخر 40 عاما( في عدد الحيوانات المنوية )خصوبة( الرجل في العالم الغربي بحيث تهدد الظاهرة انقراض للجنس البشري! واحضر المقال معلومات تشير ان هذا التدهور لا يقتصر على مواطني الدول التي تنتمي لدول العالم الاول ولكنها ظاهرة عالمية. واشار الى ظاهرة مشابهة لدى النساء.
اقتبس المقال الطويل ابحاثا لعلماء عالميين من الدرجة الاولى يدرسون الظاهرة. حاز المقال على شعبية القراء وتبوأ المكان الاول في اكثر المقالات تصفحا بين قراء موقع الانترنت لساعات طوال من ذات يوم الخميس.
ومن يطلع على ما افاده الباحثون المختلفون في المجال، يصل الى النتيجة ان الامر معقد فيزيولوجيا، نفسيا وبيئا. فيعدد المقال اسبابا عديدة لانخفاض المقدرة على الخصوبة بدءا بالمواد السامة التي ترش لمنع هجوم الحشرات على الخضراوات والفاكهة، مرورا بالتدخين والاشعة المنبعثة من التلفونات الخليوية وحتى الحرارة فقط الخارجة منها وانتهاء بالاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة نظرا لذلك، ولو كان ذلك لاجزاء الدرجة المؤية. ومما يلفت الانتباه ان المقال ،ونقلا عن الباحثين، يضع البيئة التي نعيش فيها في مركز الاسباب التي تقود لقلة الخصوبة. ويشير الى ان مرد ذلك هو التشويش الحاصل في الحياة في البيئة التي نعيشها. ومعنى الكلام هو ان ذلك يولد قلقا وخوفا وارتباكا يعتريان الانسان وهكذا "يحمي" الانسان نفسه على شكل منع ذاتي من توليد نفسا جديدة تنضم لهذه البيئة التي هو نفسه غير مرتاح بها!
ولا يسع المرء امام هذا المشهد القاتم الا ان يلاحظ القاسم المشترك في اسباب هذه البلوى الانسانية. ان جميعها مرتبط ب-"التطور" التكنولوجي للبشرية وابتعادها عن بساطة العيش وما اقدمت البشرية عليه من تخريب البيئة.
ان سبب الاهمال بحق البيئة التي ائتمنا الله عليها هو انانية الانسان. فرجل الاعمال الجشع لا يرغب في تكبد المصاريف الباهظة في سبيل التخلص من نفايات مصنعه واحيانا كثيرة لا تتوفر الادوات والاجهزة الحكومية التي ترغمه على ذلك. كما انه يفضل عدم نصب اجهزة متطورة غالية الثمن لتمنع تلوث البيئة على شكل دخان سام ملوث في الهواء او قاذورات ومواد مصنعة لترمي في النهر والبحر... ولن يقوم بذلك بانعدام السلطة التي تفرض عليه ذلك. احيانا تتواجد الانظمة والقوانين المقيدة للشركات، ولكنها تبقى حبرا على ورق ولا تنفذ بسبب اتفاقيات مشبوهة لاصحاب الشركات مع سياسيين او رجال سلطة فاسدين يهتمون بعدم تنفيذها مقابل حفنة مال. بالتهاء الناس وراء مصالحة الآنية ، لن يفطن احد لضرورة الاعتناء بالبيئة فتئن وتتمخض وها هي البشرية تذوق وبال أمرها نتيجة لذلك.
لست بصدد مهاجمة العلم والتطور التكنولوجي بحد ذاته ، ولكن مرد آفة الخصوبة المتهاوية هو ليس فقط الانانية الانسانية. انه ايضا تهافت جنوني نحو التقدم التكنولوجي دون مسؤولية وباغفال للعواقب الوخيمة. فتعقيد الحياة وضغطها يسببان ذلك الارتباك في البيئة الحياتية والذي يقود للتفاعل الفيزيولوجي/نفسي الذي يضعف الخصوبة عند الجنسين. فالتلفونات الخليوية اصبحت ملازمة للبشر في ادمان قاس ومربك للانسان الذي اصبح متوفرا حول الساعة وبمثابة محطة لسيل جارف من المعلومات تخرجه من حيث لا يدري عن اتزانه-كل ذلك فضلا عن الاشعة والحرارة المنبعثتان منه والمذكورتان في المقال كاسباب لانعدام الخصوبة. كما ان محركات مكيفات الهوائية التي تساهم في توسيع الثقب في طبقة الاوزون تعمل بنشاط لا متناهي ولا يتم فحص بدائل اقل ايذاء للبيئة. وهكذا يؤدي الامر للاحتباس الحراري ولتغيير في الغلاف الجوي الذي صنعه الرب بدقة متناهية وترتبك الكائنات ومن عواقب ارتباكها مسار انحدار الخصوبة.
وللأسف يبدو ان الكنيسة غافلة هي الاخرى عن وصية الله للمحافظة على البيئة والعالم الذي خلقه الله. حين خلقه الله وجد انه حسن وبعدها خلق الانسان واوكله وائتمنه على ذلك الكون الفائق الجمال والدقة. تلتهي الكنيسة في امور عديدة-بعضها هام للغاية وبعضها اقل اهمية- ولكنها تواطئت بصمتها مع المناهضين لنشر مبادئ ملكوت الله على البشر. فاحد دلائل بسط الله لملكوته بين البشر هو اعتناءهم بخليقة الله نفسه. البشر تمردت على وصية الله من حيث اهمالهم المؤذي للمكان والبيئة اللواتي اعدهما لنا للعيش على الارض. اما الكنيسة التي من المفروض ان ترفع صوتها لتفرض صحوة الناس وتذكيرهم باهمية الحفاظ على البيئة فلا تقوم بدورها. هذان العاملان يحرزان هدفا ذاتيا في مرمى البشر فيعطل الحياة اليوم واستمرارها غدا ويجعل البيئة التي نعيش بها كالقنبلة الموقوتة التي يتوجب تفكيكها بحذر قبيل انفجارها في وجهنا.
هل من يسمع نداء استغاثة الارض والانسان؟