متى كان ذلك ؟! في موسم الميلاد ! بكاء وعويل ونواح ! لماذا ؟! لان هناك ملك طاغية قرر ان يقتل أطفالا، لماذا ؟! لانه يكره الطفل يسوع الذي اخبروه انه سيملك ! ولكن كيف يجرؤ على قتل أطفال نعمت أظفارهم ولما يعرفوا يمينهم من شمالهم ؟!
راحيل تبكي ...
ليس فقط طفل واحد، بل على اولادها ... كيف تتعزى ؟! ماذا نقول لها ؟! هل نقول لها ان تأتي بأطفال اخرين ؟! ولكن أين اطفالها ... ليسوا بموجودين ! راحيل تبكي ... في موسم تهلل فيه جند السما، في وقت أخبر فيه الرعاة بمولد المولى، في زمن أتى مجوس من الشرق وسجدوا وفرحوا وقدموا هدايا ...
بينما راحيل تبكي ... كيف نعزيها ؟!
لقد أتى يسوع لفداء البشر، ليموت عنهم وليخلص شعبه من خطاياهم ... ولكن أين اطفال راحيل ؟! كيف يفديهم يسوع ؟! لماذا رحلتم عاجلا وراحيل تتلوى بحرقة ما بعدها حرقة !!! لماذا ... وكيف ؟! اسئلة تتراكض في قلبها المضطرم والمضطرب ... وما من مجيب ...
الا تسمعين يا راحيل بكاء جاراتك اللاتي فقدن فلذات أكبادهن مثلك ... الم تدركي انهن ثكلوا أطفالهن في لمح البصر بسيف نحرهم كنحر البعير دون شفقة او تردد ... أطفالا بني سنتين فما دون ؟! نعم !!
ولكن راحيل ما زالت تبكي ... ترفض العزاء وتطلب اولادها ... أين هم ؟! ليسوا بموجودين !!
من يعزيها ؟ اخبروني ... ماذا قد يخفف وجعها ... ماذا نقول لها ؟! ومتى كان ذلك ؟! في موسم الميلاد حيث ولد الملك المخلص !!! الا يجدر بك ان تتعزي بمولد المخلص ؟!
راحيل تبكي ...
راحيل تسأل ... اذا كان هذا فعلا المخلص والملك كما يقول الحكماء فلماذا لم ينقذ أطفالي ؟! أين انت أيها المخلص ؟! ليتك افتديت أطفالي من الهلاك !!! لماذا تأخرت ؟! أين هربت ؟! قل لي ... اخبرني ... عزيني ... ساعدني أرجوك ...
وبينما راحيل في قمة اللوعة وذروة الحسرة يأتيها صوت من العلا قائلا: لا تبكي يا راحيل ... أنا اعلم ألمك ... أنا ارى دموعك ... ان أطفالك معي في السما ... في مكان آمن ... في ملجا حصين ... نعم انت فقدتيهم وانا ابكي لبكائك ولألم امهات كثيرة امثالك، ولكني سأخبرك بسر عله يفرح قلبك ... اعلمي ان أطفالك كانوا شهداء ضحية طفل ليخلص البشر من الخطية ومن هذا الطاغية، فاجرك عظيم ... نعم ... ان اطفالك الأبرياء افتدوا طفلا عظيما كي ينقذ الملايين ويحرر المأسورين ويعتق الأسرى طليقين ...
نعم - لقد جاز في نفسك سيف، ولكن اريد ان أقول لك ان ذات السيف سوف يخترق قلب العذراء أم يسوع المخلص عندما ستراه معلقا على صليب العار، بين ارض وسماء، بدون اي ذنب او سبب، بالضبط كأطفالك الأبرياء، وستبكيه وتبكيه وتبكيه، كما انت تبكين ... ولكنه سيبقى مسمرا على صليب الجلجثة، وليس ذلك فقط، بل ستراه يموت بأم عينيها التي تجمرت ألما ولوعة وحسرة، مثلك تماما، وستسأل لماذا ؟! وستصرخ كيف ؟!؟! كما تصرخين الان ...
سيموت الطفل يسوع ... المخلص، كما مات أطفالك ... بل وسيذبح، كما حلت السكين في قلب أولادك ... وسيوارى جسده الطاهر في قبر كما دفن فلذات كبدك ... ولكن أنا أعدك ببشارة سارة لن تقدري ان تصمتي حيالها ... خبر سوف تشرئب له الاعناق وسيصعق كل ناظر وسامع ... ان هذا المخلص الذي افتداه أطفالك سوف يقوم من الأموات ويقهر هذا العدو الذي قهر أطفالك ... وعندها سيصفق ملائكة السموات فرحا بالانتصار، يتقدمهم أطفالك الأبطال، صفقا سيهز أركان الأكوان وسيرعب مملكة العدو التي خرج منها ابليس واتباعه كهذا الطاغية ...
نعم ... سيفرح اولادك ... فهم يعلمون، لأني أخبرتهم، ان هذا سوف يصير من قبلي ... لأني احبهم، وأحبك وأحب كل العالم ...