يهتم الكتاب المقدس بعهديه بالجنس (انظر على سبيل المثال لا الحصر لاويين 18 و1كورنثوس الأولى 7). فالجنس نعمة إلهية ووسيلة لتحقيق خطة الله للبشرية. طلب الله من آدم وحواء أن يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض وباركهم ومكّنهم من تحقيق مراده بالمحبة والجنس. وسمح العهد الجديد بخيارين جنسيين: الزواج أو التبل (1 كور 7: 7؛ متى 19: 12). وبينما تتحاشى الكنائس المعاصرة الحديث عن الجنس لأسباب اجتماعية ولاهوت غنوسي يحقّر كل ما يتعلق بالجسد لا تتردد كلمة الله الموحاة من الحديث الصريح عن قضايا الجنس سواء أكان اللواط (ذكر مع ذكر) أم السحاق (أنثى مع أنثى) أم البهيمية (إنسان مع حيوان) أم غير ذلك. ويتحدث الكتاب المقدس عن الدورة الشهرية عند المرأة وعن القذف عند الرجل وعن الاغتصاب وعن الاستحلام وعن تنظيم الجنس في العلاقة الزوجية!! ولكن ليس هناك من يقرأ ويدرس ويفهم حكمة الله المتعلقة بالجنس. العكس هو الصحيح إذ نتبنى ثقافة العيب بدلا من كلمة الله. وتكون النتيجة الفساد الفكري إذ نفتقر إلى التربية الجنسية المسيحية وينتشر الفساد الأخلاقي إذ لا نصحح ولا نؤدب ولا نتحدى بوضوح الضلالات الجنسية.
ولكي لا أطيل الكلام سأدخل في صُلب الموضوع وسأحدد النقاش في قضية أُثيرت في لاويين 18: 22 وما زالت تؤثر على الكثيرين اليوم. وبالطبع لا يهدف هذا المقال إلى التعامل مع كل التفاصيل بل تقديم وجهة نظر مسيحية متجذرة في منظور الكتاب المقدس. يقول الكتاب المقدس: " وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ" (لا 18: 22). يمنع الكتاب المقدس ممارسة الجنس خارج الزواج المسموح بين ذكر وأنثى. لا يسمح الكتاب المقدس بالزواج بين كل ذكر وأنثى. فمثلا، لا يستطيع الإنسان أن يتزوج أمه.
ولقد تشددت التوارة الموسوية في معاقبة اللواط. يقول الكتاب المقدس: " وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا" (لا 20: 13). ويصف الرسول بولس اللواط قائلا: وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ" (رو 1: 27). ويعلّم رسول الأمم أن حياة اللواط تحرم الإنسان من الحياة الأبدية إذ يقول: " أمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ" (1 كور 6: 9).
في ضوء ما سبق، سأشدد على بعض النقاط التي من المهم أن نفكر فيها ونعتبرها.
أولا، لقد دخلت الخطيئة إلى كل جوانب الحياة. فتغيرت طبيعة الأرض إذ أخرجت شوكا وحسكا وتغيرت طبيعة الإنسان. ويشمل هذا التغير الجوانب البيولوجية أيضا. ولهذا لم تدخل الخطيئة إلى المجتمعات فحسب بل أيضا إلى الحمض النووي (DNA). من هنا لا نستطيع تبرير سلوكياتنا معتمدين على طبيعة الجينات او الطبيعة البيولوجية. فقد يرغب الرجل غير المتزوج بإمرأة قريبه وذلك يتوافق مع طبيعته البيولوجية إلا أن الله يدين من ينظر إلى امرأة قريبه بشهوة جنسية. فنحن مسؤولون عن تصرفاتنا بالرغم من طبيعتنا البيولوجية.
ثانيا، إن الانجذاب (ليس الشهوة) ليس خطيئة. فقد ينجذب رجل إلى رجل كما ينجذب رجل إلى امرأة. في مثل هذه الأحوال يجب أن يتصرف المنجذب بحسب كلمة الله ولا يتحول الانجذاب إلى شهوة تجر الإنسان إلى ممارسة الخطيئة. وعندما يكون انجذابنا لا يرضي الله فعلينا أن نأخذ كل الخطوات اللازمة للابتعاد عن المحفزات التي تقود إلى الخطيئة. فإن كانت عينك تعثرك فأقلعها!
ثالثا، يجب أن نتعامل مع كل الناس بمحبة واحترام. نحن نكره الخطيئة بكل أشكالها ولكننا نحب كل الخطاة بكل أنواعهم لأن الله محبة. نكره وندين الممارسة اللواطية لأنها تسيء لله ولكننا نحب اللواطيين فهم أحباء الله مثل باقي البشر. ولا نريد اساءة معاملتهم بإي شكل من الأشكل وندين أي تعدي شخصي عليهم إذ يجب أن نتعامل مع كل إنسان باحترام ونمكّنهم بكل الطرق الممكنة للتقدم في حياة القداسة والطهارة.