يتمنى المسيحيون الامناء في بلادنا ان يكون اولادهم ناجحين في كل شئ كما تمنى يوحنا الرسول لتلميذه غايس (يوحنا الثالثة، عدد 2). وهذا يشمل ثلاثة انواع رئيسية منها هي النجاح التعليمي، نجاح علاقاتهم الانسانية الاجتماعية، ونجاحهم الروحي.
وقد نجح النظام المدرسي في بلادنا بالتعاون مع عوامل اخرى ولحد كبير في تتميم النجاحين الاوليّن. فقد تبوأ المسيحيون العرب كشريحة مجتمعية قمة التعليم في البلاد . اذ زادت نسب استحقاق البجروت والمتميزين وحاصلي الشهادات العليا ومعايير اخرى على نسب اي مجموعة اجتماعية اخرى. اما من الناحية الاجتماعية الفردية والعامة في المجتمع المتعدد الثقافات الذي يعيش فيه المسيحيون الفلسطينيون في اسرائيل، فاني اعتقد انهم ابلوا بلاء حسنا. بخلاف الناحية العلمية يتعذر اثبات ذلك عينياً لانعدام المعايير الثابتة والواضحة هنا ولربما يتوجب تقييمه بطرق اخرى في بحث منفصل.
لكن ومع افتتاح السنة الدراسية الدراسية نتساءل بشأن دور المدارس الاهلية والرسمية في النجاح الروحي عند اولادنا.
النجاح الروحي هو في معرفة المخلص بشكل شخصي وفي النمو في المسيرة في خطاه. انها تتمثل في ايمان اعمق تنعكس في حياة يعيشها الشاب او الشابة في محبة الله والقريب. انها تتمثل في تكوين تلاميذ للمسيح منذ جيل الشباب، حتى وهم في المدارس.
طبعا لا نقدر ان نعمم في اجاباتنا على الاسئلة التالية فهناك تفاوت بين المدارس وبين المعلمين وبين الطلاب في كل منطقة ،لكن من الممكن طرح بعض الاسئلة حول التحديات العامة وبعضها بالمجال الفكري والآخر بالمجال العملي التطبيقي: 1- هل يأتي النجاح التعليمي والاجتماعي على حساب الروحي؟ هل تشديدنا كاقلية قومية ودينية على ضرورة النجاح العلمي والتميّز الاجتماعي يهمّش السعي للنجاح الروحي؟
2- هل نسمح في مدارسنا بدخول كل النظريات العلمية (وليس الحقائق) دون فحص حتى لو تناقضت مع الايمان المسيحي؟
3- هل نختار المعلمين في مدارسنا على اساس علمهم وشهاداتهم فقط ام نسعى ليكونوا اولا نموذجا في التصرف المسيحي حتى يرى الطلاب "اعمالهم الحسنة ويمجدوا اباهم الذي في السموات"؟
4- هل لدينا منظومة كاملة للنجاح الروحي، ان كان في المناهج، في معرفة العقيدة، معرفة تاريخ الايمان، تفعيل حياة الايمان عند الطالب وغيرها؟
5- هل نسعى لتدريبهم على حفظ ايمانهم المسيحي بينما يعيشون مع المختلفين عنهم وقد تعلّموا عدم اقصاء الغير بل محبته واحترامه؟
6- هل لدينا خطة لمحاربة النسبية فيما نؤمن، وقد اضحت من المسلّمات في النظريات الحديثة مما يطعن بحق الايمان المسيحي. فاذا قبلنا ان كل شئ نسبي، فلن يكون بالامكان الثبات في العقيدة المسيحية الحق، بل اعتبارها "ممكنة" كأحدى البدائل وبهذا نسلبها حقها.
7- ما هو دور الكنائس بالعلاقة مع الجهاز التعليمي في المساهمة في النجاح الروحي للطلاب؟
8- هل من تطبيق عملي لطلابنا اليوم لمبادئ الانجيل حول المحبة والتسامح في ظل العنف الكلامي والجسدي المستشري في مدننا وقرانا؟ وجود هذا التطبيق يمنع مسّاً بنفوس الطلاب الغضّة التي تسعى لتعيش النجاح الروحي في بيئة تهاجمه بطرق عديدة، منها العنف.
9- كيف نتغلب على الفكر السائد في بلادنا الذي يربط النجاح بالتحصيل والكسب بينما يرتبط النجاح الروحي بالذات على التسليم للرب والخضوع والسير ميلاً آخر لأجل الخصم؟
10- هل من ادوات وآليات لدينا لمحاربة الفكر الالحادي المنتشر بين الشباب من حيث الموارد مثل الكتب المناهضة للالحاد والاشخاص المتدربين والمؤهلين لفضح هذا الفكر حتى في المدارس؟ان الاجابات الجيدة للاسئلة اعلاه ليست كافية اذ بركة الله هي التي تحوّل مدارسنا لبيئة حاضنة للنجاح الروحي. لكي نحصل على تلك البركة يتوجب ان يبني هو البيت فبدونه يتعب البناؤون. وهو سيبني عندما نخضع له ونسلمه زمام الامور فهكذا نعمل معه.