عجز الكلام عن وصف الصاعقة المتمثلة بقتل شاب في ريعان الشباب هو يوناثان نويصري طعناً في مركز الرينة قبل ايام. ما زاد من هول الصدمة هو سبب الطعن وهو خلاف حول توقيف سيارة سرعان ما تحول لنزاع اليم عنيف. وما كسر قلب كل من سمع عن الحادثة هو ان الشاب المقتول وحيد لاهله ورزقهم الله اياه بعد 16 عاما من زواجهم.
انفطر القلب حزناً وتسلل اليأس الى النفوس وكالمشتكي الرجيم همس بقناعة: هل من أمل لهذا الشعب؟ اين الامان؟ اليس من الاجدر ترك بلداننا العربية والهجرة الى مدن مختلطة او الى خارج البلاد في اماكن يسود فيها النظام واحترام القانون...؟
لن احذو حذو اترابي ولن ادلو بدلوي حول ما اظنه سبب لهذا العنف المستشري في بلداننا ولا اقتراحاتي لتغيير الوضع.
ما ساشير اليه هو امر صادم اكثر يهز الكيان وهو صلاة والد المغدور عند تابوت ابنه والتي انتشر فيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد شكر والد القتيل الله على نعمة الحياة التي وهبها لابنه وشكر الله رغم عدم فهم قصده في السماح للمصاب الاليم. واوضح في صلاته ان سماح الله بأخذ روح ابنه هو من حق الله. لم يشكك في امانة وصلاح الله وفي نهايتها شكر الله لاجل مواعيده بلقاء ابنه في اليوم الاخير.
اي ايمان هذا؟!
لا نشّك بحزن هذا الوالد ولكن لم يحجب هذا الحزن ايمانه. فقد بزغ ايمان وثقة كانا شهادة لكل من سمع ورأى صلاته.
ايمان الوالد لا يتعارض مع ضرورة اجراء العدل وان تقوم السلطات بمعاقبة المجرم الجاني :
"فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة. افتريد ان لا تخاف السلطان؟ افعل الصلاح فيكون لك مدح منه، 4 لانه خادم الله للصلاح! ولكن ان فعلت الشر فخف، لانه لا يحمل السيف عبثا، اذ هو خادم الله، منتقم للغضب من الذي يفعل الشر" (رومية 13: 3-4).
ولو ان مقتل الشاب هو من فعل الشرير واعوانه لكن لا يحدث شئ الا بسماح الله. لا يرضى الله بالشر الحاصل والظلم والحسرة ولكنه اعطى الانسان الحرية فاستغلها ذلك للفتك والدمار وحصد الارواح. ما كنا لنلومه لو صرخ من اعماق المه : "كيف سقط الجبابرة في وسط الحرب ؟ يوناثان على شوامخك مقتول..."
لكن الله وضع فيه ايمانا بانه يحيي الموتى، ويدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة.
رأى والد يوناثان ابعد من المنظور الاليم والمأساوي الى الحياة الابدية حيث لا دمع ولا حزن.
كان لسان حاله يقول:" الرب صالح والى الابد رحمته".
أعن يا رب ضعف ايماننا لنثق بك ونؤمن بصلاحك بكل الظروف كما هذا الوالد الحزين.