بداية عظيمة ونهاية غير حميدة. قصة جدعون مثل فيلم مثير يجذبنا في مقدمته وأحداث قصته ولكنه يقلقنا في خاتمته إذ أن نهاية جدعون مأساوية. لقد عاش في جبال الانتصار ولكنه مات في وادي المساومة.
عاش كقائد يرفع الآخرين إلى الرب ولكنه مات كقائد يُعثر الآخرين ويبعدهم عن الرب. حقا، لقد تميز جدعون بن يوآش بعلاقة طيبة مع الله في بداية حياته وخلالها. ودعاه ملاك الرب بجبار بأس واكتسب بجدارة اسم يربعل، الإنسان الذي يحارب الإله بعل. وأثبت جدعون ثقته بالله في عدة حروب ضد الشر. وأثبت حكمته في تعامله مع أهل بلده عندما تحدوه. فتواضع ليحافظ على الوحدة والصلة الحسنة مع الآخرين.
ولكن جدعون ضعف أمام ذهب أهل مديان. فبعد أن تخلص من الملك الوثني زبح والملك الظالم صَلمُنع (صلمناع)، لم يتخلص من عبادتهما الوثنية. لم يتمم المهمة واكتفى بالعمل المنقوص. لم يطع الله حتى النهاية واختار أن يسير في درب القدير برجل واحدة وأن يسير في درب التغافل عن البر بالرجل الأخرى. فبدلا من تدمير كل أثر للشر وانجاز المهمة من كل القلب حوّل ذهب الاسماعيليين إلى شركٍ وفخ لعبادة الأوثان. فتحول من موسى مخلص الشعب إلى هارون الذي أعطى العجل الذهبي.
زنى إسرائيل بسبب قيادة جدعون. فعدم التزام القائد بتفاصيل الحياة الروحية يجلب المصائب الكبيرة للشعب. وإن البطولة الروحية لا تضمن عدم السقوط. ألم يسقط موسى وداود وغيرهما في العصيان والتمرد.
فماذا نعمل لتكون النهاية حميدة؟ علينا أن نلتزم بتعليمات الرب وكلمته دون اهمال أو تغافل عن أدق التفاصيل. فلا نعطي إبليس مكانا. علينا أن نتحاشى تعظيم نفوسنا وبطولاتنا ونجلس عند أقدام السيد لنتسول نعمته كل يوم. بدون نعمة الرب لا نستطيع أن نكون منتصرين. وبدون نعمة الرب وعنايته اليومية لا نستطيع إلا أن نسقط. ولكن عندما نعمل ما يطلبه الله دون اهمال لأدق التفاصيل فإننا حتما سنحصد بركات عظيمة وستكون النهاية مباركة.