في زمن فينحاس بن العازر بن هارون اشتعلت حرب أهلية في أرض العهد. وثمة أربعة ملاحظات مهم أن نتفاكر بها. 

أولا، أسباب الحرب واضحة إذ يخبرنا النص أن جماعة من سبط بنيامين اغتصبوا امرأة بوحشية مقرفة وأرادوا قتل رجلها واغتصابه أيضا وأهملوا فضائل الضيافة والمعايير الموسوية وساروا في طريق الشر. وعندما أهملوا وصايا الله خانوا العهد مع إخوتهم. وهكذا اشتعلت حرب أهلية تجمعت فيها أسباط بني إسرائيل ليحاربوا بنيامين. 

ثانيا، يحدثنا الكتاب المقدس عن طريقة الحرب. فبالإضافة إلى إبراز قوة بنيامين وتمكنهم من الفوز في أكثر من جولة، يظهر الكتاب أن الفكر الإلهي أو الديني كان جزءا مهما من هذه الحرب. فلقد سأل بنو إسرائيل الرب أكثر من مرة إن كان سيعطيهم النصر. وكان الجواب إيجابيا. فلقد رأى بنو إسرائيل أن كسر العهد مع الله وعدم الالتزام بالمعايير الموسوية سببا كافيا للقضاء حتى على أحد أسباط إسرائيل. 

ثالثا، كانت نتائج الحرب مؤلمة. فلقد قُتل الكثير من الجنود في الطرفين وفقد بنيامين نحو 25000 مقاتل. وتصرف إسرائيل نحو بنيامين كما تصرف بحروب التحريم فضربوا كل المدينة بحد السيف وحتى البهائم واحرقوا المدينة بالنار. فلم يبقى أحد أو كائن حي إلا ستمائة رجل هربوا إلى البرية. وكاد سبط بنيامين أن يفقد من بني إسرائيل بحسب شهادة الكتاب. 

رابعا، نستطيع أن نرى أن بني إسرائيل كانوا على استعداد أن يحاربوا كل من خرج عن العهد وأن يحرموه حتى ولو كان من نسل يعقوب. ونرى أن العنف الاجتماعي والتدهور الأخلاقي يقود إلى سفك الدماء وتدمير صورة الإنسان. ولكن رحمة الله ظهرت عندما أبقى بقية صغيرة من بني بنيامين ليعيد من خلالها بناء السبط مرة أخرى. أحبائي، لا تفتخر بحسبك ونسبك بل افتخر بالرب. تذكر أن بنيامين هو ابن المحبوبة راحيل وأن أبيه هو يعقوب وأنه سكن في أرض الموعد وأنه ورث وصايا موسى وأنه تمتع بقوة عسكرية كبيرة ولكنه ترك الرب. وهذا ما يهم. فمن يتمسك بالعهد مع الله ويطيعه يسكن الأرض ويثمر فيها أما من يتعدى عهد الله فإنه يختار الهلاك وستحترق مدينته. فتمسك بالعهد مع الرب وبمحبته وبقداسته. ولا تعتمد على قوتك كأولاد بينامين فالقوة تزول أما الله فيبقى إلى الأبد. ومن يتمسك بالرب يكون كشجرة مثمرة لا يموت ثمرها ولا تُقلع من أرض البركة.