تزوج ألقانه وحنة. وأحب الرجل زوجته بشدة ولكنها لم تنجب الأولاد أو البنات. لقد كانت عاقرا. وفي منظور ذلك الزمان، أُعتبر العقم إعاقة جسدية ومشكلة اجتماعية وحتى لعنة إلهية. وتزوج ألقانة أمرأة أخرى مما صعّب الحياة على زوجته حنة. وأنجبت المرأة الأخرى العديد من الأولاد والبنات. فتفاقمت الضغوطات النفسية على حنة بالرغم من حب زوجها ووفرة مأكلها وملبسها.
وتحولت مشاكلها الجسدية إلى مشاكل نفسية بسبب نظرتها إلى نفسها ونظرة المجتمع لها. فبكت ولم تأكل (1 صم 1: 7) واكتئب قلبها (1 صم 1: 8). وصار طعم الحياة مرا في أعماق فكرها إذ يصفها الكتاب بأنها "مرة النفس" (1 صم 1: 10). وتصف حنة نفسها بأنها "حزينة الروح" (1 صم 1: 15). وفي النص العبري يكون الوصف الحرفي أن روحها قاسية أو صلبة (קשת רוח)، وربما فقدت روحها الماء الذي يرويها وينعشها ويفرحها. بإيجاز، لقد تفاقم تأثير مشكلتها الجسدية وتسرب الضعف إلى نفسها وروحها. يعاني الكثير منا من تحديات جسدية إما بسبب إعاقة أو حادث أو شيخوخة أو غير ذلك. ويزيد الطين بلة عندما لا يرحمنا المجتمع بنظرته وعندما يغيظنا الآخرون بكلام يخلو من الرحمة والعطف.
فماذا نفعل؟ لقد توجهت حنة إلى الله حلّال المشاكل. فصلت وأكثرت الصلاة وهكذا سكبت دموعها وتحدياتها في محضر الله القادر على كل شيء. فإما أن يزيل المشكلة بقدرته أو يكشف لها أمورا لم تعرفها بحكمته أو يحضنها بعطفه ويشبع قلبها بمحبته. فلقد فعل أكثر من ذلك مع الكثيرين. لقد صلت وبكت ولكنها تمسكت أيضا بالرجاء أن الله رحيم وحكيم وقدير وكريم. فقالت إن اعطيتنا ابنا سأعطيك إياه. سيكون مخصصا ومكرسا لك.
لقد تحول الضعف الجسدي والألم النفسي من مشكلة إلى صلاة. وتحولت المشكلة إلى فرصة للانسكاب في محضر الله وإلى فرصة للثقة بكرمه وحكمته ورأفته وقدرته. وتحولت الصلاة إلى نذر مملوء بالرجاء وتحول النذر إلى وعد من الله على لسان كاهنه عالي. وعندما انتعشت الروح أكلت حنة فارتاح الجسد وتغيرت نفسيتها فارتاحت النفس. ورُغم أنها لم تحصل على شيء بعد إلا أنها حصلت على كل ما تريد لأن آمنت بالله وبكلمته.
قصة حنة قصة جميلة. ولم تنس حنة فضل الله ففعلت كما نذرت واعطت ابنها صموئيل للرب. وربما يعطينا الرب ما نصلي من أجله ولكن حتى وإن لم يعطينا ما نصلي من أجله، فإنه سيكون دائما الإله القدير الحكيم الذي يمنحنا ما نحتاج ويكرمنا بكل ما يجعلنا نحبه أكثر ونخدمه بفرح. لم نكتشف في قصة حنة أن الله يعطينا كل ما نطلبه بل أن الله قادر أن يمنحنا كل ما سيمجد اسمه. وهذا ما تكشفه الأيام عندما يكبر الطفل صموئيل.