القبلية في بيت داود وبيت شاول (2 صموئيل 2 – 4)
في معركة جلبوع الحاسمة انتصر الفلستيون وقُتل الملك شاول وأبناؤه الثلاثة يوناثان وأبيناداب وملكيشوع. ولكن أبنيـر بن نيـر ابن عم شاول أراد أن يحافظ على شرف وقوة العائلة. فرفض داود، القائد الذي اختاره الله، ونبيه صموئيل، والذي أثبت جدارته في المعارك وفي الحفاظ على حياة شاول وبيته. وقرر أبنيـر رئيس جيش الملك شاول وابن عمه أن يقيم إيشبوشت ابن شاول ملكا على إسرائيل (2 صم 2: 9) ليستمر حكم بيت شاول. لم يختار الرب إيشبوشت، بل صار قائدا بسبب سياسة قبلية تصرّ على توريث الخدمة من الأب إلى الابن ثم الحفيد حتى ينتهي الزمان.
صمم أبنير على سياسة التوريث. فيجب أن تبقى السلطة داخل العائلة. وبعد أن يموت خادم الله والشعب يرث ابنه القيادة. وبسبب هذا القرار انقسم شعب الله إلى مملكتين. وبدلا من الوقوف معا، اشتعل العداء بين الطرفين. وسقط الأبطال بسيوف شعبهم. فقتل أبنيرُ البطلَ عسائيل بن صروية الذي كان خفيف الرجلين كالظبي، فثار أخواه يوآب وأبيشاي وانتقموا لأخيهم الذي هو أيضا ابن أخت داود (1 أخبار الأيام 2: 16). وقتلوا أبنير دون علم داود. فماذا كانت النتيجة؟ انقسمت الملكة وانقسم الشعب وزاد العداء وحارب الأبطال بعضهم بعضا. وجُرح الكثيرون وضعفت المملكة.
إن القبلية الكنسية آفة خطيرة. فلقد قسمنا الكنيسة الواحدة والشعب الواحد إلى بيوت تحارب بعضها بعضا. فانتشرت الطائفية وساد التعصب وروح القضاء على الآخر. وثمة آشخاص بيننا مثل أبنير الذي يضحي بوحدة الشعب في سبيل الحفاظ على تراث بيت شاول. أما داود فعمل جاهدا لا أن يعزز بيت داود فحسب بل أن يكرّم أيضا بيت شاول. فلم يمد يده إلى مسيح الرب ولا تمادى على أولاده بل حاول أن يبني بيت شاول وبيت أولاده وأحفاده وأن يكرمهم ليحافظ على كل شعب الرب تحت سيادة الرب.