كانت الإرساليّات الأجنبية تؤسّس المدارس في الشرق الأدنى في التاسع عشر كجزء من إستراتيجيتها للوصول إلى الناس، مما أسفر عن وجود بعض المدارس الممتازة في مطلع القرن العشرين، منها سمينار الرُّوس في الناصرة (المسكوبية)، ومدرسة الفرندز في رام الله، والمدرسة الأمريكية في بيروت ومدارس كثيرة أخرى.
كانت التّوقعات كبيرة من المعمدانيين أن يفتتحوا مدرسة في الناصرة، إذ كانوا قد أسّسوا مدرسة للبنات في راشيا الوادي (في لبنان اليوم) في العام 1910، وأخرى للأولاد في نفس البلد في عام 1911، وأسّسوا بعد ذلك مدرسة في قرية كفر مشكي القريبة. وفي عام 1922، ضمت هذه المدارس مجتمعةً 157 طالبًا. لكن المدرسة المنشودة في الناصرة لم تُبنَ إلاّ عام 1936.
استخدم الله القسّ شكري موسى لتأسيس كنيسة الناصرة المعمدانية في عام 1911، وهو شكري بن موسى البشوتي، المولود في عام 1870 في مدينة صفد في شمال فلسطين، وقد أسس ورعى الكنيسة في الناصرة وظلّ فيها حتى وفاته عام 1928. في عام 1930، تولّى الخدمة مكانه القس لويس حنا، وهو ابن أخت القِسّ شكري وأول من اعتمد على يده، وقد قام برعاية الكنيسة المعمدانية في الناصرة حتى عام 1937، وإبّان فترة خدمته أقيمت المدرسة المعمدانية في الناصرة عام 1936.
في عام 1920 التقى القس شكري موسى كاهنًا أورثوذكسيًّا في قرية قانا الجليل (كفركنا)، وطلب منه هذا الأخير الشّروع في افتتاح مدرسة. لكنّ القس شكري أبلغه باستحالة الأمر لعدم وجود الأموال اللاّزمة. فما كان من الكاهن إلاّ أن طلب من القس شكري أن يخبر إرساليته في الولايات المتحدة: "أنّ كاهنًا أورثوذكسيًا فقيرًا وبائسًا من قانا الجليل لديه ستة أولاد، يطلب منكم المساعدة في تعليم أبنائه." وقد كُتب هذا النداء في مجلة الإرساليّات المعمدانية تحت عنوان: "خمرة جديدة لقانا الجليل". وانتهى المقال بالسؤال: "هل سيقوم المعمدانيون بالاستجابة لنداء "الرجل الذي من قانا" فيشرعون ببناء مدرسة لتعليم آلاف الأولاد الذين يتوقون إلى تلقي تعليم على مستوى لائق وراقٍ؟
وفي عام 1926، قامت الإرسالية الأنجليكانية CMS بالتوجه إلى الإرسالية المعمدانية في فلسطين بطلب تعرض فيه على المعمدانيين أن يتولّوا مدرستهم في الناصرة وتصريف شؤؤنها، وذلك لعدم وجود الأموال لإدارتها. لكن الإرسالية المعمدانية لم توافق على هذا العرض، رغم الدعم الشديد لهذا المشروع من المحليين والمرسلين الأجانب في الحقل على حد سواء.
وقد شهد عام 1935 توترًا متصاعدًا بين المعمدانيين من جهة وطائفتي الروم الأورثوذكس واللاّتين من جهة أخرى ويعود سببه انه وفي هذه الفترة، انضمت بعض العائلات إلى عضوية الكنيسة المعمدانية، وكان المئات من الأولاد يرتادون مدرسة الأحد في الكنيسة المعمدانية.
قامت كنيسة الروم الأورثوذكس في الناصرة بافتتاح مدرسة أحد خاصّة بها، لكنّ هذا الشيء ما كان ليعطِّل الشعبية الكبيرة التي كانت تحظى بها الكنيسة المعمدانية، لأن الخدمات فيها كانت جذّابة ومثيرة، وبشكل خاص في فترة عيد الميلاد – وهو عيد لم يكن ليُحتفل به في الشرق، بينما كان المعمدانيون الأميركيون يقومون بخدمات مميّزة بمناسبة العيد على الطِّراز الغربيّ بكل ما يحتويه من شجرة العيد، وسانتا كلوز، والترانيم الخاصة بالعيد، والهدايا التقليديّة.
وقام الروم الأورثوذكس واللاتين، في تصعيد آخَر من نوعه، بوضع تحدّيات أمام الطلاب من العائلات المعمدانية في مدارسهم الخاصّة. فقد قاموا بمنعهم من الدراسة والتعلُّم في تلك المدارس. وكردِّ فعل من جانبهم، قام المعمدانيون بافتتاح مدرسة معمدانية في الطابق السّفلي من المبنى الجديد الذي تمّ بناؤه بمحاذاة الكنيسة عام 1935 بتبرّع من سيدة أمريكية مشيخية من أصدقاء السيِّدة منيرة موسى- أرملة القسّ شكري موسى، علمًا بأن الطابق العلوي من ذلك المبنى كان يضم منزلا للقسّ لويس حنا الذي أشرف على افتتاح المدرسة عام 1936 قبل أن يغادر البلاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية بسبب مرض زوجته فيلورا عام 1937. وأدار المدرسة من بعده، المرسل ليو أدليمان الذي جاء إلى الناصرة ليرعى الكنيسة المعمدانية.
وصل عدد طلاب المدرسة 36 طالبًا في عام 1937، و33 طالبًا عام 1938، وزاد العدد إلى أن وصل 77 طالبًا في عام 1939. وفي عام 1940 كان في المدرسة 83 طالبًا في صف البستان و 40 طالبًا في الصُّفوف الابتدائية. وقد درّس فيها 4 معلمين محليين نذكر منهم: الأستاذ يوسف قبطي والأستاذ ناصر دياب، والمعلّمة إفلين كردوش.
وعلى مرّ الأيام، فتحت المدرسة أبوابها لطلاب من طوائف مسيحيّة أخرى وللطلاب المسلمين أيضا، مما ساهم في بناء مصداقيّة للمعمدانيين كطائفة لها حضورها في البلد. وقد تمّ إغلاق المدرسة بعد شحّ الدّعم المالي الآتي من الإرسالية المعمدانية في عام 1941 من جرّاء دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. وظلّت أبواب المدرسة مُغلقة لسنوات عديدة. وفي عام 1945، قام المعمدانيون باستخدام مقرّ المدرسة من قِبل بيت "جورج ترويت" للأولاد اليتامى. وعندما تقرّر افتتاح مدرسة من جديد في العام 1948، افتُتحت في موقع آخَر.