ان بلدنا- البلاد المقدسة- هي محط انظار الكنيسة المسيحية عامة والانجيلية خاصة في العالم. فموطن الله المتجسد وانبيائه في طول الأرض وعرضها هو سحر في اعينهم. فالاسماء: الناصرة، بحر الجليل، بيت لحم، القدس، عين كارم، عمواس ، نين، يافا ،الخليل، نابلس واريحا وغيرها تشعل في الاذهان ذكريات مقدسة لمخلصنا والانبياء الذين سبقوه. فالجغرافيا تعيد التجربة الروحية.
ويُترجَم هذا الانبهار والتشوق بزيارات للأراضي المقدسة وتمتلئ البلاد بالحجاج من كل انحاء العالم. ولكن الامر لا يقتصر على ذلك وانما تسعى كنائس وخدمات مسيحية انجيلية كثيرة بان يكون لها مداس قدم في البلاد المقدسة- في ذات الأماكن التي انطلقت منها رسالة الله للخلاص. ويلعب التعامل الالهي المستقبلي (وربما هو آني أيضا) دورا في الاعتبارات وان اختلف الانجيليون بخصوص طبيعته، رغم ايمانهم بحدوثه المرتقب.
ونجد في السنين الأخيرة مجموعات مسيحية انجيلية تبرز من بينها الامريكية بالذات تسعى لدعم هيئات وكنائس وافراد في البلاد او تقوم بالتعاون معهم بمؤتمرات ومشاريع تتماهى مع اجندتها وعقيدتها. ولكنها لا تقتصر على الوافدين من أمريكا وانما نجد الفئات الكورية والاندونيسية والبريطانية وحتى الصينية.
في حقيقة الامر- تفرض هذه الشخصيات - من وعاظ او هيئات معروفين وذوي موارد مالية ضخمة واتباع كثيرين- اراءها واجنداتها على القسوس او الهيئات المحلية التي تقبل الرقص على انغامها. فتجد الكثيرين يتبعون تلك الهيئات او ينضمون لمثل مؤتمراتهم المجانية في فنادق او قاعات فخمة دون وعي او ادراك كامل لحقيقة الامر.
احياناً كثيرة تكون الاجندة المستوردة سياسية تحت غطاء روحي ومنافية لطموحات شعبنا وعقليته وحتى مؤذية وتشكل عثرة لكل من يسمع عنها في بلادنا. احياناً أخرى تكون هذه الفئات من التيارات الانجيلية المتطرفة واجندتها وممارساتها على حدود ما هو مشروع ومقبول بين كنائسنا. إمكانية أخرى هي ان تكون الاجندة خلطاً بين النوعين آنفي الذكر.
لا شك ان الأذى اللاحق بالكنائس الانجيلية نتيجة لهذه الهيئات والشخصيات الذين يفرضون اجندهم في بلادنا بمؤازرة "ودعم" المغلوب عليهم من الانجيليين المحليين هو كبير للغاية. انه يضعنا في خانة غريبة عن شعبنا ويبعدنا عن أبناء الكنيسة المحلية في بلادنا اكثر حتى مما هو بعيد اصلا.
كما انه يبعد الكنائس الانجيلية في بلادنا عن بعضها البعض اذ يشكل كل راعي متفاعل مع هذه الفئات الأجنبية الجديدة لاهوتاً جديداً. ويكون متاثراً بأولئك الأجانب الذين وجدوا فيه رفيقاً وشريكاً وربما يدعمونه مالياً ايضاً. هكذا يفرق هذا اللاهوت او الانتماء للغريب وتبعد الأموال الكنائس بعضها عن بعض.
لتحاشي هذا الوضع، لا مفر من الفلترة. اذ يتوجب فحص وتمحيص كل فئة وشخصية تحضر للبلاد وفي نيتها ايجاد معاونين محليين تخترق بواسطتهم صفوفنا وتقيم برامجها ومؤتمراتها بمعاونتهم. بعض منها يضع بصمته "ويستقر" في بلادنا ببرامجه التي تعاد سنة بعد الأخرى- وكل ذلك لكي يحقق شوقه ان يؤثر "ويخدم" في بلادنا وربما يسرّع مجئ الرب الثاني بدعم سخي من كثيرين من الانجيليين في بلاده من ذوي نفس الفكر.
لست من المعارضين التلقائيين لكل فئة او شخصية تسعى للعمل في بلادنا فبعضهم ذوي لاهوت متزن ومقبول وهدفهم يتماشى مع اهدافنا في توسيع ملكوت المسيح. كما اني لست من دعاة ان تكون الروابط او المجامع المحلية حراس- تفتح ولا احد يغلق وتغلق ولا احد يفتح، ولكنها فعلا قد تكون احدى هذه الفلاتر للفحص.
نحتاج قادة انجيليين محليين يفحصون بعمق ودون مصالح شخصية تلك الاجندات والشخصيات واللاهوت المستورد في مثل هذه الحالات. سيكون بإمكانها تقديم جوابا معتمدا حول أهلية هذه الهيئات المستوردة الضيفة.