تدرّب أليشع على يدي النبي الشهير إيليا وتعلم أن يضع الله أولا. لقد رأى سيده يرتفع بمركبة نارية إلى السماء وأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه. ثم كما شق يشوع مياه الأردن شق اليشع المياه برداء سيده واستقرت روح الله عليه (2مل 2: 13-15). واستخدمه الرب بمعجزات كثيرة وشاع اسمه في كل يسرائيل. لقد أبرأ مياه الشرب في أريحا (2مل 2: 19-22). وساعد امرأة من نساء بني الأنبياء بعد أن مات زوجها واُستعبد ولداها. فصنع لها معجزة الزيت القليل الذي ملأ كل الأوعية الفارغة. ثم أقام ابن الشونمية من الأموات وبارك القليل من الخبز ليكفي العدد الكبير من الناس (2مل 4: 42-43). إنه رجل الله ومشهود له في خدمته لإيليا وفي اختيار الله له وتأييد الله لخدمته بالمعجزات.
ولقد كان أليشع منفتحا أن يتعامل مع أعداء شعبه وأن يقدم لهم بركات إلهه ويحفزهم على الإيمان به. وفي أحد الأيام جاء نعمان الأرامي عدو يسرائيل. احتاج العدو إلى المعونة. واحتاج رئيس الجيش نعمان إلى الشفاء من مرض جلدي. فجاء إلى اليشع وهو مستعد أن يدفع الأموال ليشتري الشفاء. توترت المجالس السياسية. فقد ينقلب الوضع إلى حرب أو قد يكون موقف نعمان استفزازيا ليعجّز يسرائيل. ولكن اليشع قرأ الواقع السياسي من منظور ديني ودعا نعمان أن يأتي إليه. فجاء نعمان بخيله ومركباته. وطلب منه اليشع أن يغتسل بمياه الأردن سبع مرات فيطهر. لم يُحب نعمان طريقة اليشع إذ كان يتوقع أن يخرج النبي إليه ويمد يده فوق موضع المرض الجلدي وينادي باسم إلهه. ربما هكذا فعل اصحاب الديانات الأخرى. ولم يُحب نعمان طلب أليشع. إضافة إلى أن الطريقة كانت لا تعتبر عظمة نعمان فإن الطلب أن يغتسل بمياه الأردن لا تعتبر عظمة دمشق وأنهارها. كان على نعمان أن يتنازل عن توقعاته الشخصية وعن معاييره القومية ليختبر اختبارا عظيما ويتعرف على إله قدير.
بعد تردد وحوار مع خدامه قبل نعمان أن يغتسل بنهر الأردن. وحصلت المعجزة وشُفي نعمان بطاعته لكلمة الله وتواضعه أمام خادم الله وانفتاحه أن يغير توقعاته ويعيد تقييم معايره. واعترف نعمان أنه لا إله إلا إله يسرائيل (2مل 5: 15). وأراد نعمان أن يدفع ثمن خدمة النبي وثمن شفائه فعرض تقدمة سخية. ولكن النبي رفض التقدمة لأنه أراد أن يقدم نعمان نفسه لله قبل أن يقدم ماله. ففهم نعمان الأمر وبسبب رفض النبي للتقدمة بعد الإلحاح قرر نعمان أن يعبد إله يسرائيل. وبدلا من أن يعطي أموال دمشق أخذ تراب يسرائيل ليعبد الرب عليه.
لكن جيجزي خادم أليشع طمع في المال. وأعد قصصا ليحلب من خلالها فضة نعمان. وفعلا، كسب وزنتي فضة وحُلتي ثياب وأودعها في بيته. لقد أضرّ جيجزي بسمعة سيده بسبب المال وأضر بمجد الله الذي يعطي الخلاص مجانا واستسلم للطمع والنفاق إذ حاول اخفاء الأمر عن أليشع. فحصد ما زرعه. ولهذا اعلمه اليشع أن مرض نعمان الجلدي سيلتصق به وبنسله. علينا أن نكون حذرين في كيفية التعامل مع المال في الخدمة. فالمال وسيلة وليست غاية. أحيانا علينا أن نرفض المال لأنه سيعطل الخدمة وأحيانا أخرى نقبله لأن سيسّهل الخدمة. لن نقبل كل تقدمة ويجب أن تكون قلوبنا دائما عازمة على تمجيد الله وواثقة أنه وحده الذي يسدد كل احتياج.