تأملات من العهد القديم: عمانوئيل (أشعياء 7)
في زمن النبي أشعياء، تآمرت دمشق والسامرة ضد أورشليم. كانت دمشق وثنية والسامرة خائنة للعهد الإلهي ولعهد الأُخوّة. أراد المتآمرون السيطرة على أورشليم وتدمير شعب العهد وإهانة قدوس يسرائيل بسبب طموحهم السياسي والعسكري ورغبتهم في صد مملكة آشور. فعندما يسيطرون على أورشليم سيزداد التواصل مع مصر وستكبر المساحة الجغرافية المتماسكة التي تحارب آشور. ولهذا أرادوا أن يصنعوا انقلابا في أورشليم ويبدلوا نظام الحكم.
وفي وسط الأوضاع السياسية الصعبة والمؤامرات العسكرية يتكلم الله من خلال نبيه أشعياء. فيعلن أولا أن مصير شعب الله في يد الله وليس في يد السياسيين. ومصير قادة أورشليم مرتبط بخطة السماء وليس بمؤامرت الملوك. فمهما بلغت قوة دمشق والسامرة فلن تنجح خطتهما. ومهما ضعفت قوة أورشليم وإمكانياتها العسكرية فلن تسقط ما دام الله معها. هذا درس مهم لكل جيل ولكل كنيسة شرقأوسطية. إله السماء متسلط في مملكة الناس وهو يميل قلوب الملوك حيث يشاء. ويستطيع أن يبدل الإمبراطوريات ولكنه يدعونا أن نتوجه إليه ونثق به.
فبمن سنضع ثقتنا وسط الأزمات؟ هل سنوجه قلوبنا لله؟ لقد أرسل الله نبيه أشعياء لملك أورشليم ليؤكد له أن الشر لن ينجح. فمن يسلك بطريق القتل سيحصد القتل. ومن يلعب بنار الحروب وسفك الدماء سيحترق بها. ومن يعانق الشيطان أو حتى يصافحه بإصبع واحد ستتلوث روحه وتهلك. ومن يقف ضد الله لن ينجح. ولهذا ستدمر آشور دمشق ثم السامرة.
وللإعلان الإلهي وجهان. واحد للدينونة وآخر للبركة. فيقول النبي أشعياء لملك أورشليم: هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعونه عمانوئيل وقبل أن يكبر هذا الصبي ستهلك دمشق والسامرة. وبحسب التاريخ دمرت مملكةُ آشور دمشقَ سنة 732 قبل الميلاد ودمرت السامرة سنة 722 قبل الميلاد. فنجت أورشليم من مؤامرة الأعداء. فتحقق الوعيد ولمع الوعد أن الله مع شعبه. لقد ارتبطت هذه المعية الإلهية بطفل من عذراء. وارتبطت بآية ربانية علامة على حضور الله وخلاصه. ولقد فهم اليهود الذين ترجموا النصوص العبرية إلى اليونانية أن الفتاة التي تحبل بالطفل هي فعلا عذراء. فاستخدموا الكلمة اليونانية التي لا تحتمل اللبس للتعبير عن هذا الواقع. وألهمت قصة الطفل الآية قلوب شعب يسرائيل القديم لأنه يجسد حضور الله بنفسه مع شعبه. ولأن بولادته تُشرق شمس الخلاص ودينونة الأشرار. وعندما دوّن البشير متى إنجيله أكد لنا أن يسوع المسيح هو الطفل الآية الأعظم لأنه به فعلا وليس رمزا يتم حضور الله (عمانوئيل) والخلاص. وتبقى كلمات النبي أشعياء مسموعة في آذاننا إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا. الطريق إلى الأمان الإلهي يبدأ بتوجيه الأنظار إلى الطفل الآية الذي يُعلن به خلاص الله ودينونة الشر.