من يقرأ قصة إسحاق ورفقة يعود بخياله الخصب وهو على ظهر جواد أبيض قد إمتطاه ليصل به إلى ديار الحبيبن إسحاق ورفقة. ليجد بأم ذاكرة إيمانه، قصة حب تختلف في خيوطها عن كل قصص الحب التي حاكها كل قلب نقي لكل المحبين الذين جاءوا بعد إسحاق ورفقة! لم يمتطِ إسحاق صهوة جواد وينطلق به إلى ديار الحبيبة رفقة! بل رفقة جاءت من ديارها في (الهودج) على ظهر جملٍ. سارت بحماية أَلِيعَازَرُ الدِّمَشْقِيُّ، من بلد إلى بلد لكي تلتقي مَن هيأه الله لها حبيباً وشريكاً لحياتها.
لم تراه حتى في الحلم. كذلك حبيب القلب لم يراها بل حكى له أبوه إبراهيم عن أهلها. كما يحكي أي أب أو أم لفلذة كبده قصة قبل النوم. كان كل من الحبيبين ينتظر أن يرى صورة وجه شريكه! أكيد كان إسحاق يسأل نفسه:
أجميلة حبيبتي، مظهراً وجوهراً؟
أكيد هي الأخرى رفقة كانت تسأل نفسها:
أوسيم حبيبي؟ هل طيبٌ قلبه؟ كما سمعت عن طيبة أبوه/ أبونا إبراهيم.
ووو وإلتقيا. نزلت أميرة قلب إسحاق عن الهودج، ما أن علمت أنه هو الحبيب الذي ستكون له عروس، تغطت بالبرقع. لكنها لم تعلم أن ضوء جمالها شع في عيون الحبيب لحظة اللقاء. لم تعلم أن للقلب عيون ينظر بها حبيب القلب ويحسُّ به حتى ولو كان على بعد أميال أو خلف جدرانٍ! تقدم إسحاق ودون أن يلمس يدها رحبَ بها بفرح وسعادة ليكلمها:
أهلاً بمن أختارها اله أبي لي.. أهلاً بمن أرادها قلبي.. أهلاً بمن سَعُدت روحي بلقائها حتى أصبحت مبتهجة.. أهلا بالعروس في ديارنا..
اذا برفقة تجيبه بلسان قلبها:
أنا سعيدة بك وقد تركت أهلي وعشيرتي من أجلك. لطفاً أسعدني في حياتي معك. لطفاً أحبني أكثر مما أحبك أنا. لكن لا تحبني أكثر من اله أبينا إبراهيم. الله الذي جمعنا وليس غيره قادر أن يُفرقنا" مرقس١٠: ٩" .
تقدم منها أكثر كأنه بلسان قلبه المحب، قال لها:
هيا نسير إلى بيتنا، الذي باركه اله أبينا إبراهيم. هيا نكون تحت سقف واحدٍ.
اذا بها تنظر إليه من خلف البرقع وكلها حب، لتقول له:
أنا أعرف أنك متلهف أن تمسك بأطراف أصابع يدي اليسرى، لكن ليس الآن يا حبيب القلب.
سارا سوية بينما يسير خلفهما أليعازر المؤمن وهو يصلي في قلبه إلى الله الذي لم يخذله:
أشكرك يا الله على ما عملته مع عبدك فكنت أنا بإرشادك الوسيط بين هذين الحبيبين.
ما أن وصلا الحبيبان إلى خيام إبراهيم حتى علت في الجو أصوات زغاريد الفرح مرحبة بالعروس، بينما قلب إبراهيم يرنم للرب شاكراً...
اذا بي أنا الطالب في كلية اللاهوت في بيت لحم، تأخذني أجنحة الإيمان وتطير بروحي عبر الزمن لأصل إلى ديار أبونا إبراهيم وأحضر حفلة زفاف رفقة وإسحاق. بعد أن قبَّلتُ يد أبونا إبراهيم، تقدمت من العروسين لأهنأهما. سمعت رفقة تقول لي:
يا عم لقد تزوَّج ولديكا (سركون) و (سيمون) وكل منهما له زوجته وبيته. يعني لديكَ اليوم ثلاثة أحفاد.
قلت لها:
نعم صدقت.
أكملت قائلة بينما العريس مبتهج بنظراته إلى جمال وجهها:
لديك أيضاً يا عم إبنة إسمها (ساندرا).
قلت:
نعم.
قالت بفرح وحنان:
صلي من أجل أن يهبها الله عريسا مثل الذي جالسٌ بجانبي. اذا بي أصرخ عالياً:
هللويا هللويا هللويا يا رب إستجب.