إتفق إخوة يوسف عليه كما تتفق الذئاب على نهش لحم غزال جميل. جلسوا جلسة الكماشة ليدلي كل واحد منهم بدلوه! أدلى رأوبين الإبن البكر: "وَقَالَ: «لاَ نَقْتُلُهُ». تكوين ٣٧: ٢١".
كما أدلى يهوذا "فَقالَ يَهُوذَا لإِخْوَتِهِ: «مَا الْفَائِدَةُ أَنْ نَقْتُلَ أَخَانَا وَنُخْفِيَ دَمَهُ؟ تكوين٣٧: ٢٦"
يا لهذه الجريمة أن يتفق أخوة على التخلص من أخيهم بكر سيدة أمهم، راحيل راحيل:
صرخت كل حنجرة للأم يوسف إبن راحيل يتألم
يوسف الإبن المدلل يُظلم إخوته يسقونه العلقم
فلذة كبد حبيبة القلب راحيل، إبن إمرأة أحبها زوجها يعقوب من كل قلبه. أحبها لحظة إلتقاها "وَقَبَّلَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَبَكَى. تكوين٢٩: ١١". كانت له حضن نجاة من أخيه عيسو. تلك التي كللت حب الزوجية " بفلذتيِّ كبدهما يوسف وبنيامين". كانت راحيل ليعقوب كما النبضة لقلب المحب. تلك التي إنتظرها ١٤ سنة وهو يعمل أجيراً لدى والدها (خاله) دون أن يملَّ أو يكلَّ. واليوم ها هم إخوته جالسون يحوكون له مؤامرة! كما يجلس اليوم الأشرار لإبادة مسيحيي الشرق لا لذنب إقترفوه سوى لأنهم أتباع يسوع الذي أوصاهم أن يحبوا "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، متى٥: ٤٤". تقدم يوسف من إخوته عاملاً بنصيحة والده يعقوب، يتحرى أخبارهم في الرعي. بينما هو على خطوات منهم، بدأوا يسخرون من أحلامه ويحسدون ثوبه! قبل أن يصل إليهم، كانوا قد وقعوا على قرار التخلص منه. وضعوا أياديهم عليه، ساروا به ورموه في بئر عميقة، لم تنفع كل الصراخات التي أطلقها مستنجداً!
يا ناس الإنسان من بيننا عندما يقع في مشكلة يصرخ مستنجداً بأهله، بإخوته، بأمه وأبيه.. لكن واحسرتاه بمن كان يستنجد يوسف؟ بإخوته؟ وقد إنقلبوا إلى أعداء وقتلة له. بأمه وأبيه؟ وهما بعيدان عنه مسافة ٣ أيام. لابد أن الله كان حاضراً معه لم يتركه " الله مع يوسف" لذلك لم يسكت قلب يوسف من الخوف عن النبض.. لم تنته حياة يوسف بسبب الرعب وهو لوحده في البئر مظلم.. كان ملاك الله معه في البئر كما كان مع دانيال في الجب " دانيال6: 17". يبدو أنهم دون علم رأوبين، باعوه للتجار المصريين الذين مروا بجوارهم، باعوه ب٢٠ فضة! وهو لا يقدر بثمن لدى أبيه يعقوب. أكيد كان يوسف يبكي في داخله، أولا على والديه لأنه قد لا يراهما أبداً، ثانياً على نفسه لأنه إبن مدلل ووسيم ومحبوب من قبل والديه، والآن أصبح عبداً.
اذا بلسان إيماني يحاكي كل الفتيات والصبايا المسيحيات والإيزيديات اللائي تم سبيهنَّ؛ من قبل داعش في بلدي الجريح والموجوع (عراق) و البلد الجار (سورية)؛ وبيعهن في سوق النخاسة. قلت في نفسي لو كنت حاضراً أثناء بيعهنَّ، لكنت أطلب من داعش أن يبيعوني أنا بدلاً عنهنَّ. حتى لو تم تحويلي إلى قنٍّ أو عبدٍ. كنت سأرنم فرحاً بما فعلت، ليس لأني بطل! لا وألف لا! بل لأني لست أفضل من ربي يسوع المسيح:
لست أفضل منك يا رب الكل لم أقبل ببيعي لأني بطل
أنا خاطئ فداني الحمل لا يتركني ربي يأتيني على عجل
ثم أسكت بينما أرى السعادة على وجوه الفتيات المحررات. لكني أغمض عينيَّ متذكراً يوسف. كيف باعه إخوته. يا لهذا الحسد. يا لهذه الكراهية والبغضة التي تقود إلى خيانة عزيز لديك. بينما يسير مسلحو داعش بيَّ نحو العبودية، يسير إلى جانبي في حلم، يوسف كعبد مع التجار الإسماعليين. اذا بي أسمعه بأذن إيماني:
رحمة إخوتي بيَّ بالله تحننوا عليَّ
أنظروا دموع عينيَّ صغيرٌ أنا على الأذية
خذوا قميصي الملون خذوا من والدي العيون
فقط أرجعوني إليه مصون هل نسيتم يعقوب مَن يكون؟
أنا يوسف إبنه المدلل لحظة أن لم يرانِ. يسأل
لم أعرف معه الذل كيف لفراقي سيتحمل؟
بالله عليكم كفوا هذا الشر لا يمكن عن يعقوب. أتأخر
فكوا قيودي. أنا ولد حر يا الله ليعقوب أعطي الصبر
هل نسيتم يا إخوتي الأعزاء للأحلام فيَّ تحقيق الأنباء؟
صدقوني لم أحلم عن هباء لي في الرب دوما رجاء
إسمعوا لصوت الرب فيكم أبعدوا الشيطان عنكم
سأصلي من أجلكم إخوتي لن أتنكر لكم
هو الرب كلمني. هو شاء هو أراني الحلم في ضياء
هو سيدٌ على الأرجاء ربي ومخلصي لي فيه رجاء
أعلم يا أخي في الرب ، عندما تغيب رحمة أعز الناس، عنك أو تصمت كل رحمة أخوية أو إنسانية. تجد رحمة الله حاضرة بقوة لا مثيل لها. كان الله مع يوسف. هو سمح بهذا. لأن كان له قصد في يوسف. الله له قصد في كل واحد منا.
وصل يوسف كعبد مباع إلى المصريين. دخل إلى بيت رئيس الشرط (فوطيفار) كخادم له في بيته. أحبه المصري سيد البيت. بل الله حبب يوسف في عيون المصري. تصور يوسف أن كل المشاكل نامت خلفه في بلاد كنعان. هذه المرة كانت وسامته سبب مشكلة له. طلبت زوجة المصري من يوسف:
وَقَالَتِ: «اضْطَجعْ مَعِي» تكوين٣٩: ١٢"! رفض. أرادت إجباره! فخرج من بيتها تاركاً قميصه خلفه. صرخت فهرع إليها من في المنزل. أفصحت لهم باكية بعيون كاذبة:
- لقد أراد العبراني مضاجعتي.
لما جاء زوجها، كذلك قالت له بلسان النفاق، كما قالت لمن كان في البيت. حمي غضب زوجها "فَأَخَذَ يُوسُفَ سَيِّدُهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ، تكوين٣٩: ٢٠".
كأن قصة يوسف هي حلم يراه كل يوم. ها قد دخل إلى السجن. أجمل ما في يوسف، أنه لم يتذمر أبداً! بل حتى في السجن لم يتركه الله. فكان محبباً لدى رئيس السجن. حتى إلتقت أحلامه بأحلام مسجونين، هما رئيس السقاة ورئيس الخبازين.
لذلك لا تيأس أيها المخلص بدم الحمل لأن الرب لن يخذلك أبداً. هل تؤمن بهذا "لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ". عبرانيين١٣: ٥". ما دمت تؤمن دعنا نرنم للرب فنُفرِح قلبه الآن:
يا رب ليحدث لي كما حدث ليوسف بن يعقوب
يا رب أأمن أني مفديٌّ بدم المصلوب
لن أيأس لو ركبت على كتفيَّ، الأحزان ركوب
كيف أيأس وأنا لدى الرب محبوب
اذا بي أسمع بأسماع إيماني، يوسف يصرخ باكياً وهو يلتقي في قصر فرعون، بإخوته:
«أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي». دعوا الرب يباركني
من حزني قد خلصني سيداً على مصر جعلني
«أَنَا يُوسُفُ. أَحَيٌّ أَبِي بَعْدُ؟» في عيونه فرحة أجد
عن ضيافتكم لن أتردد بلقائكم ترونني مُسعد
إنتهى الإختبار الذي دخله يوسف، حتى خرج منه بطلاً من أبطال الإيمان. كأني أراه بعيون إيماني وهو سعيدٌ بلقاء شقيقه بنيامين وأسعدٌ وهو يقع على عنق أبيه يعقوب، وأن بكى لكنها أكيد كانت دموع الفرح. هيا يا كل مؤمن، نتعلم من قصة يوسف دروساً في الإيمان، الطاعة، عدم التكبر، المغفرة، العون والمساعدة..
بقلم/ مارتن كورش تمرس لولو
الطالب في كلية بيت لحم للكتاب المقدس