تأملات من العهد القديم: من بابل إلى أورشليم (عزرا 1)
أعلمتني سارة أن بعض جيراننا تركوا بابل واتجهوا إلى أورشليم. ولقد كنت أفكر بالدمار الذي حلّ علينا ولعنات أهل بابل وملوكها. ولكننا نستحق ما حصل معنا. فلقد تركنا الله فابتدأ الانحدار الأخلاقي والروحي نحو بابل. وروى لي جدي قصة سبي شعبنا لبابل ودمار حياتنا وعبادتنا وهويتنا وهيكلنا. قال لي: حاصر نبوخذنصر أورشليم ودمرها وقتل كل أمل فيها. ولقد خسرنا كل شيء حين تمردنا على الله وخسرنا رضىاه. والآن بعد سنين من المعاناه والتغرب الثقافي والأخلاقي تقول لي سارة أن الله بادر مرة أخرى إلى تغيير واقعنا نحن أبناء وبنات الغربة الروحية، نحن سُكان بابل. متى سيغير الله حالنا؟ شكرا لله أنه غيـر الله العالم السياسي المستبد وأنهى الإمبراطورية البابلية التي دمرت كل شيء.
حقا، في سنة 539 ق. م.تغيـر كل شيء. لقد أشرق عصر جديد بحكم كورش ملك الإمبراطورية الفارسية. انتهى وقت الغربة وجاء وقت العودة لبيت الله حتى وإن كان البيت مدمرا. إنه وقت انتهاء البكاء والحزن على حالنا وبداية وقت التخطيط لمستقبل يُسر الله. نعم، انتهى وقت التوبيخ والدينونة الإلهية وبدأنا نسمع أن روح الله يوقظ وينبه الرؤساء أمثال كورش ورؤساء يهوذا وبنيامين وعدد من الكهنة. ويعمل الله في حياة عدد من القادة. يا لها من إشارة مشجعة جدا.
وأعلمتني سارة أن كورش أصدر بيانا يقول في:
أنا كورش ملك العالم، ملك عظيم، ملك قدير، ملك بابل . . . بعد دخولي لبابل بسلام ووسط الفرح والابتهاج جعلت القصر الملكي مركزا لحكمي . . . أما بالنسبة لمواطني بابل - الذين حولهم نبونيدس الذي كان قبلي خداما بطرق غير لائقة ولا تتوافق مع مشيئة الآلهة – أنا أحررهم من تعبهم وأحل أعباءهم . . . أعيد الصور إلى هياكلها في بلاد ما بين النهرين. هذه الهياكل مؤسسة منذ القدم واحتوت صور الآلهة التي يجب أن تسكن في هياكلها بدون توقف. أيضا جمعت الآلهة مع شعوبها وأرجعتهم إلى أماكن سكنهم.
وعلمت أيضا أن آنية بيت الرب والذهب والفضة والأدوات بدأت تشق طريقها نحو بيت الرب. فهل سنبقى في بابل؟ هل سينبه الله أرواحنا لنعود إلى أورشليم. تحتاج نفوسنا إلى الإيمان لنعود إلى أورشليم ونحتاج إلى المخاطرة الكبيرة. فبعد أن استقرت الأحوال في أرض الغربة وبعد أن صرنا نعيش في أمبراطورية متساهلة مع الجميع فهل سنعود إلى مكان يخلو من الازدهار ويمتلئ بذكرى الدمار؟ ولماذا نعود؟
قاطعت سارة أفكاري لتقول إنها إرادة الله. إن الوعود الإلهية هي أثمن ما عندنا. إن الخطة والقصد الإلهي هو أكبر ضمان في حياتنا. وأفضل مكان نكون فيه هو المكان الذي يسكن فيه الله. لنعود إلى منطقة "يهود" رغم تحديات الرحلة وبالرغم من صعوبة البدايات الجديدة وبالرغم من فقر بلاد الحب الأول. لنترك بابل ونعود إلى أورشليم. فهناك سنجد الغفران وحلم السلام ونرى مجد الله وسط الأنام. بدأت الدموع تنسكب من عيوني فلقد استيقظ قلبي على حب أورشليم. وبدأت الرحلة نحو أورشليم والسبب بسيط أنني أريد أن أكون مع الله وأن أرضيه وأن أحبه. وكتبت لأحبائي متساءلا: هل ستلحقونني إلى أورشليم أم ستبقون في بابل؟