تستمر في الأوساط الدينية والشعبية وبمبادرات نشطاء من المجتمع المدني ونشيطات نسوية مسيحية محاولة لتغيير نظام الإرث للمرأة المسيحية في الأردن وفلسطين بحيث تتم المساواة في توزيع الحصص بين الذكور والإناث في المحاكم الكنسية المسيحية التي تشمل رعاياها أردنيين وفلسطينيين.
قد يتساءل القارئ لماذا للمسيحيات وليس لكل الأردنيات؟ وهذا سؤال محق وهناك عدة أسباب لذلك منها عدم وجود أساس مسيحي للتمييز بين الذكر والمرأة في الميراث كما وقد وفر قانون الطوائف المسيحية الأردني رقم 28 المعدل لعام 2014 خارطة طريق تسمح للمحاكم الكنسية بذلك شرط موافقة كافة الكنائس والمجتمع المسيحي.
وقد يكون السبب الأكبر هو واقع المرأة المسيحية التي تواجه التمييز المجتمعي أحيانا أكثر من التمييز التي تواجهه المرأة المسلمة خاصة في موضوع الإرث. فرغم ضمان الشريعة الإسلامية، والمطبقة أيضاً على المسيحيين في المحاكم الكنسية، بنصف حصة الذكر للمرأة، إلا أن المرأة المسيحية الأردنية المتزوجة غالباً ما تفقد ما ضمنته المحاكم تحت ضغوط اجتماعية للتنازل لإخوانها الذكور حتى عن حقها الجزئي "للحفاظ على الأراضي والأملاك في العائلة" وتحت وعود كاذبة "ما تخافي نحن بندير بالنا عليكِ!"
تجري حاليا حركة قوية لتغيير الأمر بمبادرة الناشطة لينا نقل وتجاوب الكثيرين معها منهم الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة اللوثرية والكنيسة الملكية (الكاثوليك)، إلا أن باقي الكنائس وخاصة اللاتين لا تزال مترددة في الموضوع. والمعروف أن المسيحيين في سوريا ولبنان يحصلون على المساواة في الإرث.
بالإضافة الى تردد عدد من الكنائس المسيحية، يبدو أن هناك رفض خفي من شخصيات ذكورية مسيحية تحاول إبقاء السيطرة على الأملاك في يد ذكور العائلة كما يبدو أن عضو واحد على الأقل من أعضاء مجلس النواب المسيحيين يرفض هذا التعديل المقترح.
رغم ذلك التردد الكنسي وغيره إلا أن هناك غالبية شعبية عظمى تؤيد التعديل. فقد أفاد استبيان واسع قام به موقع "حبر" أن "هذا التمييز يتناقض مع رغبة 90% من المسيحيين والمسيحيات في الأردن،" وفق نتائج الاستبيان الذي شمل 6426 مستجيبًاً ومستجيبة في تموز 2019.
من المعروف أن العام الحالي هو عام انتخابات تشريعية في الأردن وبذلك من الممكن أن تكون هذه فرصة قوية لمعرفة موقف المرشحين من النواب المسيحيين والقوائم التي تشمل مرشحين مسيحيين إن كان لديهم الاستعداد للتعهد لجمهورهم من المصوتين بدعم التعديل المقترح بمساوة المرأة والرجل فيما يتعلق بأمور الإرث.
إن المطالبة بمساواة كافة الأردنيات هو أمر ضروري ويجب العمل عليه ولكنه قد يكون صعباً في المرحلة الحالية حتى وإن أصبحت إمكانية النجاح بتعديل القانون للطوائف المسيحية قريب المنال ويجب الاستفادة منه لخلق رأي عام مؤيد. فتحقيق أهداف حملة المساواة في القانون الكنسي المسيحي فيما يتعلق بالإرث بين الذكور والإناث قد يشكل مدخلاً وحافزاً للبدء بنقاش واسع في الأوساط النسوية قاطبة على أمل أن يتم الاستفادة من هذه التجربة والتغلب على ظلم رافق المرأة الأردنية لعقود دون وجه حق.