ليس خفيّ على كلّ من يُتابع أخبار وزارة الصّحّة أنّ الوزارة أطلقت اسم على كلّ مريض بفيروس الكورونا معلوماً لديها. فالمريض الأوّل أُطلق عليه "مريض رقم 1"، والمريض الثّاني أخذ هو الآخر اسم خاصّ به فقط "مريض رقم 2" وهكذا دواليك. وكلّ يوم تزداد العشرات من الأسماء وكلّ ما يميّزها هو رقمها وأماكن تنقلها خلال فترة الأسبوعين الأخيرين، وشدّة حالته الصحيّة.
لا ألوم المسؤولين على هذا، فهذه طريقتهم لمتابعة الأشخاص الذين تواصلوا مع هؤلاء المرضى بغية السيطرة على هذا الوباء. لكنّي أتساءل هنا، هل ستتغيّر اسماؤنا عن قريب؟ هل سنضطر لنعرّف أنفسنا "أنا المريض رقم ..."؟ ففي زمن الكورونا كلّ ما سيهمّ من يقابلنا هو أن يعرف علاقتنا بالمرض، واسمنا الجديد في سجلّات وزارة الصّحّة أهمّ بكثير من اسمنا المسجّل في وزارة الدّاخليّة. فجنسي وجنسيّتي ولوني في زمن الكورونا، غير مهمّ. ولا فرق إن كان اسمي برنابا أو أحمد أو آشير، فاسمي الجديد هو الأهمّ.
أزعجني جدّاً هذا الواقع، فنحن نعتزّ بأسمائنا، ونفتخر بها، فهي تربطنا بعائلة، وتاريخ وشعب وعادات، وتجعلنا جزءًا من مجتمع نعيش فيه ويعيش فينا. لكن للحظة وجدت أمرًا مميّزا فيما أسميته "أسماؤنا الجديدة". فهي أسماء تجعل الجميع متساوين، وما يجمع ويساوي بينهم هو حالتهم وظرفهم الصّحيّ. وللحظة تختفي فروقاتهم الجندريّة والإثنيّة والدينيّة والسياسيّة ويوحّدهم هدف واحد، التخلّص من سطوة هذا الفيروس، واسترداد اسمهم الاصليّ والعودة للشركة مع أحبّائهم.
استوقفني هذا الأمر أمام كلمة الله، فالفحص الروحيّ الذي تقوم به (كلمة الله) يؤكّد أنّ البشر جميعًا واقعون تحت مرض فيروس الخطيّة، لا فرق من أيّ دولة أو شعب أنت، لا فرق إن كنت من أصحاب رؤساء الأموال أو من المعدمين، إن كنت شابًا أو كهلًا، "فالجميع أخطأوا (مرضوا) وأعوزهم مجد الله (الشفاء)". فإن كنّا في هذه الأوقات الصّعبة التي نمرّ بها، نرفع عيوننا وأصواتنا وصلواتنا لله ليغمرنا برحمته وعنايته وحمايته وشفائه، فلماذا لا نلتفت أيضاً الى مرض قلوبنا ونرفع عيوننا لصليبه لننال أيضًا غفرانه وخلاصه. فنستردّ بذلك اسمنا الأصليّ، "أولاد الله" وشركتنا مع خالقنا.