يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن جماعات "كنسيّة" ابتدأت كجماعات انجيلية ولكن لأسباب عديدة انحرفت واتخذت مناحي تشبه البدع لاهوتياً او سلوكياً بسبب قادة متسلطين ومتحكمين بمصائر الناس. للأسف يقترن الامر أحيانا بفساد مالي او أخلاقي ايضاً...
وقد تطرقتُ في الماضي للأسباب التي تودي بشخصيات للتحّكم واستغلال المؤمنين البسطاء في مثل هذه المناحي وكيف يمكننا ان نحترز من تكرار ذلك (مثلا: http://www.comeandsee.com/ar/post/2966757)
هذه الظواهر السلبية تحدث بسبب قلة الضوابط والمرجعيات وتشكل بالنتيجة عثرة امام المجتمع. عندما يسمع الناس عن اعمال الاستغلال والإساءة للناس ولاسم الرب باسم الرب فانهم يبتعدون أكثر عن رسالة الانجيل. انها تلطخ عشرات الكنائس الكتابية وآلاف المؤمنين الانجيليين المخلصين.
لكن بينما يعيث هؤلاء فساداً ويعثرون الكبير والصغير، يتوجب بالمقابل الا ننسى الجوانب الإيجابية في طبيعة كنائسنا الانجيلية المحلية. هذه الجوانب تشكل، إذا تمّ استغلالها، رافعة للخدمة الانجيلية وحريٌّ بنا ان ننتبه اليها:
- الرب يسوع - مركز كلمة الله التي تذاع في كنائسنا: ان تركيز كنائسنا الانجيلية على رئيس الايمان ومكمله فادينا ومخلصنا الرب يسوع وإذاعة كلمة الله هما ركن أساسي في خدمة كنائسنا.
كلمة الرب هي طبعًا سيف ذو حديّن وقد غيّرت قلوب الافراد والجماعات والأمم على مر السنين. طبعاً الجانب الإلهي في فعاليتها هو عمل روح الرب في القلوب. لكن الجانب البشري المُكمل هو ليس فقط الاطلاع عليها وانما معرفتها بعد اللهج بها ودراستها.ان التمكن منها هي شرط أساسي لفعاليتها ومشاركتها بشموليتها في ظروف وثقافات مختلفة. كليات اللاهوت الملتزمة والحساسة لشعبنا هي المكان الطبيعي والضروري للوصول لهذا الهدف.
ان كنائسنا لا تلتهي بطقوس ورسميات وفرائض وانما تركز في كلمة الانجيل – الامر الذي يشكل رافعة رئيسية للخدمة، ان جاز التعبير.
- ليونة: افتقار الكنائس الانجيلية الحرّة للنظام الكنسي الهرمي المعّقد يعتبر رافعة لخدمة فعالة. النظام البسيط في كنائسنا يسهّل اخراج الخطط من الرؤيا الى حيز التنفيذ. انه يجعل تغيير الخطط والترتيب المختلف بحسب الحاجة امراً سهلا. كما ان الليونة تتيح للكنائس التعاون مع كنائس محلية أخرى بشكل منفرد أو ضمن روبط او مجامع لصالح الشأن المشترك.
- مبدأ كهنوت كل المؤمنين: هذا المبدأ الكتابي (1 بط 2: 5 ، بط 2: 9 ، رؤ1: 5 و6) يكلف كل مؤمن للقيام بعمل روحي ( مثل أي كاهن). في العهد الجديد أصبح من واجب كل مؤمن وبحسب موهبته ودعوته الاشتراك بالخدمة مع الآخرين في الكنيسة. الامر هو بمثابة مستودع للطاقة البشرية الكامنة من المؤمنين يمكن استغلاله لمجد الرب بعد تفعيلهم. ان كانت الكنيسة تفلح في ترسيخ المبدأ في عقول المؤمنين اولاً وفي تفعيل الطاقات بنظام وانسجام- فان النتائج ستكون جبارة.
- الاستقلالية: ان اغلب الكنائس الانجيلية الحرة في بلادنا مستقلة في ادارتها ولا ترتبط بشكل رسمي او مالي مع هيئات في خارج البلاد. هذه الاستقلالية الكنسية تمنحها الحرية لتتخذ أي خطوات تراها مناسبة للوصول للنفوس في الكنيسة او المجتمع الذي تخدم به. يتوجب الا نستهين بهذه الحرية وايضاً الا نسيء استخدامها. يسبق الحرية مسؤولية لاستخدامها. قلة المسؤولية تفسد الحرية وتجعلها انحلالاً ونتيجتها - تدهور الخدمة. الاستقلالية التنظيمية والمالية التي يرافقها استقلالية فكرية بالرب- تتيح المجال لاتخاذ القرارات الصائبة.
ليت الرب يركز نظرنا لما يرفع الخدمة ويقويها لكي نكون بالارتفاع طبعاً إضافة لما يتوجب الاحتياط منه لئلا يضعف الخدمة ويعثر الناس من رؤية الرب جيداً.