صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ.. متى 46:27
أخي في الرب هل جربتَ يوما ما وأنتَ في جبِّ المشكلة، أن تصرخ من أعماق نفسك مستنجدًا بالرب؟ أن لم تفعل. أعلم إن الرب قد صرخَ. لكن قد لا تعلم لماذا صرخ؟ من أجل مَن صرخ؟
صرخة عظيمة لا زلنا نسمعها بأذان إيماننا.. صرخة أطلقها الرب يسوع المسيح ليس لأنه خاطئ بل لأنه قررَ أن يحملَ خطايانا.. صرخةٌ إختلفتْ عن تلك التي أطلقها قبله الملك داود بمئات السنين (إلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟)"سفر المزامير 1:22 ".. لم تكن في صرخة يسوع العظيمة حزن على نفسه بل علينا نحن الذين إرتكبنا ولا زلنا نرتكبُ آثامًا من أجا محوها تطلبتْ تضحية لا يقوى مرتكبها على تقديمها. إذَنْ من أجل محوها كان على يسوع المسيح أن يسير نحو الصليب كي يُنفذها كإنسان ليس كإله. قد يثأرُ سؤال: "لماذا كل هذه التضحية؟" لأن الله يحبنا. بسبب خصام الله معنا نحن الخطاة لأكثر من 400 سنة فيها صمت صوت الأنبياء، كان لا بد أن ينبري من بين البشر مَن له قوة إلهية بها يقوى على وضع يديه (لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا.)"سفر ايوب33:9" يُصالحنا نحن الخطاة مع الله. لم يُرشحَ أسم لهذه المهمة سوى "إبن النسل" يسوع المسيح. بعد أن قبل بتنفيذ المهمة سارَ يسوع المسيح خطواتٍ مدتها ثلاث سنواتٍ فيها عاش كإنسان وهو يشاهدُ بأم عينيه إرتكابنا للعديد من الخطايا التي قررَ أن يتحملها عالمًا أن (لأنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ،)"رومية23:6". مؤمنًا أنه سيصلبُ بعد طاعته لله (وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.)"فليبي8:2" ويحقق النصرَ من أجلنا. إذن عرف الرب يسوع لكي يُحقق النصر على الشيطان كما فعل في البرية (مرقس13:1) كان عليه أن يعبرَ مرحلة الصلب، يتحمل الموت كإنسان ثم يقوم كإله قدير. عرفنا معاناة يسوع المسيح كإنسان ونحن نراه عندما إقتربت الساعة حيث بدأت تظهرُعلامات الحزن والإكتئاب (متى37:26) على وجه إبن الإنسان، دون أن يسمحَ للندم أن يأخذ منه مأخذًأ. أن الندم يؤدي إلى إهتزاز الإيمان وإهتزاز الإيمان يؤدي إلى التراجع عن القرار. على عكسه ظل يسوع محتفظًا بقراره ومصممًا على تنفيذ المهمة التي كلفته حياته.
نتعلم من ساعة حزن يسوع أن لا نندم لكيلا نتراجع من أمام حضرة الله. أن حزن يسوع قاده إلى التمسك أكثر بالله، على عكس أيوب الذي تمسك ببره الذاتي. عرفَ يسوع كيف يتصرف في تلك الساعة من المحنة، الألم والوجع، وهو يعلم أن عليه السير نحو الصليب وقبول الصلب كإنسان. شعر بثقل خطايانا مع صعوبة المهمة، لذلك لجأ إلى الصلاة، وهو يصلي نزلت قطرات عرق من صدغه ووجهه قطرات دم (وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)"لوقا44:22". لم يكن بيده سوى اللجوء إلى الآب السماوي كأنه يقول لنا: “إلجؤوا أيها الخطاة إليَّ في وقت الأزماتِ.. لا تخافوا من حمل الوجع.. أنا يسوع أحمل وجعكم وألمكم." أخذ تلامذته وصعد إلى جبل جَثْسَيْمَانِي من أجل الصلاة. كما صعدَ الرب إلى جبل جَثْسَيْمَانِي، لا نترك الكنيسة أوقات وجعنا وألمنا. نتعلم منه أن نصلي لأن الصلاة هي المفتاح الذي به تنفتح أبواب السماء، هي العلاقة المثلى مع الله. عرف يسوع كيف يتغلب على حزنه بالصلاة، مؤمنًا إبن الإنسان أن الله لن يخذله. عندما ندخل تجربة نحزن لكن علينا أن لا نضعف، نتذمر أو نلحد، بل نثبت لأن الله لن يخذلنا. ما دام الله لن يخذلنا علينا أن لا نترك صلاتنا. نجعلُ من يسوع المسيح قدوتنا، لقد عاش كإنسان (ألَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ،)"مرقس3:6" دون أن يخطأ (مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟) "يوحنا46:8".
إذَنْ لكي نعيش صرخة يسوع في حياتنا علينا نتبعَ كل الخطوات التي إتبعها يسوع المسيح دون مناقشة بل أطاع إلى أن وصل إلى الصلب، لم يصرخ بسبب شدةِ بطش الحراس الرومان به وهم يجلدونه. ونحن نتبع يسوع المسيح إلى الصليب سنفهم السبب الرئيسي لصرخته العظيمة، نعم صرخ بسبب إنقطاع العلاقة بين يسوع كناسوت ويسوع كلاهوت.. إنقطاع العلاقة بين الله و إبن الإنسان! بعد أن وافق أن يكون مذنبًا بدلًا عنا بذلك إنفصمت العلاقة مع الله لأن لا يمكن أن يجتمع البر مع الخطيئة، فشعرَ يسوع الإنسان أنه لوحده من غير الآب، حينئذٍ صرخ من أعماق نفسه (إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)"متى46:27". وهو يلمسُ إنقطاع كل إتصال له مع الله الآب بسبب خطايانا التي تحملها. فرح الشيطان بموتِ يسوع الإنسان على الصليب، ظنًا منه أن يسوع قد إنتهى بالموت! فاته أن يسوع "الله الإبن" سيقوم. قام حقًا. فحقق لنا النصر على الموت.
لكيلا تذهب صرخة الرب العظيمة هباءًا، لطفًا يا أخي في الرب تتبع قصة يسوع خطوة بعد خطوة لكي تعرف عن كثب مقدار تضحية يسوع من أجلنا نحن الخطاة الذين لا زلنا نخطأوا دون أن نُعيرَ إحترامًا لعملية الصلب برمتها. صرخة الرب العظيمة، إجعلها يا أخي في الرب تدوي في حياتك إلى يوم مجيئه ثانية، حتى يقدر أن يسمعها من خلالكَ كل من قَسَّى قلبه، أطرش مسامعه، أغمض عينيه وأغلظ رقبته، وأنت ترنمُ:
صرخة الرب العظيمة بسبب خطايانا السقيمة
نهاية الخطيئة وخيمة صرخة الرب العظيمة
صرخة الرب في حياتي من يوم مولدي إلى مماتي
عيوني تذرفُ الدمعاتِ صرخة الرب العظيمة
صرخَ الربُ من أجلي حملَ أحمالي وثقلي
خلصني الرب من ذُلي صرخة الرب العظيمة
صرخَة الرب خلصتني (إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟)
(إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) صرخة الرب العظيمة