تركّز الكنيسة الانجيلية في جوهر عملها وخدمتها على اتخاذ الفرد البالغ للقرار الشخصي بأن يؤمن بعمل يسوع الكفّاري. وبعد ان يتخذ هذه الخطوة المباركة، تركّز الكنيسة على ضرورة العلاقة الشخصية الفردية مع الرب.
المستوى الثاني هو الانضمام بعضوية كاملة فعّالة في كنيسة انجيلية حيّة، وهو حق ايضا. فالرب اقام كنيسته في مواقع مختلفة ويتوجب على المؤمن ان يجد مكانه ودوره في احداها. انها ليست عضوية شكلية لكي نملأ مقاعد الكنيسة (أو خانات شاشة تطبيق الزوم بروح خدمة الكنيسة اثر الجائحة)، لكنها عضوية حقيقية نشيطة. ان هذا الفكر الكتابي يتطابق مع المبدأ الكتابي "كهنوت كل المؤمنين". (بطرس الأولى 2 : 9)
احيانا كثيرة نجد التزاماً عميقاً في المستوى الاول والتزاما معقولا (قوياً في بعض الاحيان ومتذبذبا في احيانا اخرى) في المستوى الثاني.
لكننا نختبر التزاماً ضعيفاً في المستوى الثالث وأمّا في المستوى الرّابع فهو شبه معدوم في كنائسنا الانجيلية.
المستوى الثالث هو الالتزام بالعائلة الكنسية التي تنتمي لها كنيستي في بلادي على هيئة طائفة او رابطة كنائس او مجمع للكنائس. هذا الارتباط العضوي يقابل بعدم اكتراث من كثير من المؤمنين فيهملونه ولا يعيرونه أي اهتمام.
اما المستوى الرابع فهو شعور الانتماء لجسد المسيح في العالم ككل. وليس القصد هو لكنائس الطائفة المسيحية المعيّنة وانما لكل المؤمنين بالمسيح، من كل طائفة وملّة، في كل بقاع العالم اي الكنيسة الجامعة. (كورنثوس الأولى 12)
ليس القصد بتاتا الترويج لتعصب او فئوية مسيحية على اساس الدين وهي مرفوضة بحسب كلمة الرب. وانما يطلب من كل مؤمن ان يرتبط مع مقاصد الله في عالمنا. وكما قال القس هنري بلاكبي: "راقب اين يعمل الرب، وانضم له في عمله".
يطلب منا الرب ان نتسامى ونرتقي لنرى كنائس الرب وشعبه في كل بلاد العالم وحاجاتهم ودورهم لأنه بتتميم دعوة كل فرد وكنيسة في كل قطر، تتم مشيئة الله العامة في ارضنا قبل مجيئه الثاني.
وقد أصبح هذا الالتفات لكنيسة الرب ومقاصده حول العالم في عصر العولمة وامكانيات الاطلاع عليها عن طريق الانترنت او السفر يسيراً اذ أصبح العالم قرية صغيرة.
المؤمن المهتم المرتبط بعمل الرب الكامل في العالم يلتفت للمسيحيين المؤمنين المضطهدين في الدول الدكتاتورية. لنهتم ايضا بالكنيسة في الدول التي تطغى عليها روح الالحاد. ضروري ان نهتم بالكنيسة في الدول المسيحية المتديّنة التي احيانا يفتقد الايمان الحقيقي منها ويقتصر الامر على التقاليد والطقوس والمراسيم. نهتم بصحة الكنيسة في كل بلد لكي تقوم بمهامها بالاهتمام برعاياها وبتوصيل رسالتها وحاجاتها الجسدية مثل الروحية.
وفي مجال متصل مكمّل - يطلب منا الرب ان نلتفت لتطبيق قيم ملكوت الله مثل المساواة والحرية والامانة في بلدان العالم. فمثلا نتعاطف مع السود في الولايات المتحدة أثر العنصرية المقيتة ضدهم. كما نتعاطف مع شعب لبنان ضد الفساد المستشري في بلادهم. كما نقف ضد كبت الحريات الدينية والسياسية في تركيا وايضا بمناهضة قيم نظريات المؤامرة بما يختص بالجائحة والتي تقود لاستهتار وموت الأبرياء وغيرها.
ماذا اعمل لكي اتسامى فوق حياتي الشخصية او فوق كنيستي المحلية لأصبح ابن فعال لكنيسة الرب الجامعة وعضو فيها لتنفيذ مقاصده في كل بقعة في الارض؟ كيف اكون عاملا معه من موقعي المتواضع؟ يتم ذلك بالمرحلة الاولى بالالتفات والاهتمام بما يحدث حول العالم والصلاة بحرارة لأجل الظروف في مواقع مختلفة في العالم. كما انه يفرح قلب الرب إذا تيّسرت الظروف لتواصل المؤمن وجها لوجه مع افراد في كنيسته في بقاع أخرى وخدمتهم ومباركتهم. كما يمكن ان يتم بالدعم المادي بحسب الحاجة إذا تطلب الامر. ويمكن للمؤمنين في الدول المؤثرة حتى ان يضعوا ضغطا على السياسيين في بلادهم للتدخل في انتهاكات او خروقات في دول تعاني فيها كنيسة الرب.
ليت الرب يمنحنا ان نصبح مؤمنين مواطنين في كنيسة العالم فنساهم في تتميم مقاصد الرب لكنيسته.