يتحدث الكثيرون عن الـمناعة الجسمانية لا سيَّما زمن الكورونا. نحتاج إلى أجسام قوية تصمد أمام الهجمات الفيروسية. ويكثـر الحديث الطبي وغير الطبي عن أهمية الـماء والغذاء والرياضة والراحة وغير ذلك في سبيل ضمان الصحة وحماية الجسد. ويسعى البعض إلى تقوية الـمناعة بالغذاء أو بطرق أخرى. وتمتلئ الصفحات الإلكترونية بالحديث عن وسائل غسل اليدين والتطهير ولبس الكمامات وغير ذلك. إلا أن الكثيرين يتجاهلون أهمية المناعة السيكولوجية في زمن الهمّ والغمّ وزمن الضغوطات النفسية والتباعد الاجتماعي والحبس البيتي وضغوطات البطالة. فكيف نتصرف وما نوع السيكولوجية التي تستطيع أن تصمد أمام هذا الإعصار النفسي المدمر؟
تتحدث الكاتبة Rebecca McLaughin في كتابها Confronting Christianity عن العناصر السيكولوجية التي اقترحتها المسيحية. وتجادل أن الاقتراحات المسيحية قد أثبتت نجاعتها بالأبحاث السيكولوجية وتقتبس العديد من علماء النفس الملحدين والمسيحيين الذين يؤيدون نجاعة التعاليم المسيحية في تحسين المناعة السيكولوجية وبالتالي المناعة الجسمانية. ما هي هذه الاقتراحات المسيحية التي تتحدث عنها الكاتبة Rebecca؟
- تشجع المسيحية على بناء العلاقات. يسعى الكثيرون إلى النجاح المالي ويُضَّحون بالعلاقات في سبيل الإنجازات. ومن يقرأ الكتاب الـمقدس يكتشف أهمية العلاقات والعائلة المسيحية أو الكنيسة التي تحتضن كل من ينضم إليها. وتقدم الحب والحنان وفرص العطاء. نحن كبشر أكثر سعادة وأكثر مناعة عندما نكون علاقات صحيحة.
- تشجع المسيحية أن نجعل الله رب العمل وصاحبه. فكل ما نقوم به نقدمه لله. وهكذا يصير العمل مكانا للعبادة وليس عبئا ينغص علينا الحياة.
- تشجع المسيحية أتباعها أن يفرحوا في كل حين ويثقوا أن الله سيد الظروف وأنه يستطيع أن يحوّل التحديات إلى فرص للبركة ولامتداد ملكوت الله.
- تشجع المسيحية أتباعها أن يشكروا الله في كل شيء وكل حين. ولقد أثبتت الدراسات السيكولوجية أن الإنسان الممتلئ بالشكر والامتنان أكثر سعادة من اللامبالي أو المتذمر.
- تشجع المسيحية على الغفران. وبينت الدراسات السيكولوجية أن الغفران درب الاستقرار النفسي والهدوء. ويساهم الغفران في التخلص من الغضب والحقد والمرارة والقلق والخوف والاضطرابات النفسية.
- تحفز المسيحية أن نكون جزءا من شيء كبير وعظيم يجلب لقلوبنا القناعة والفخر. فبعطائنا وخدمتنا وتضحياتنا في سبيل الله نجلب الفرح لقلوبنا ولعالمنا ولقلب الله. ويجعل هذا الأمر أتباع المسيحية أكثر سعادة وقناعة بأهمية حياتهم.
وعندما نتأمل تعاليم السيد المسيح الذي يشجعنا على المحبة والفرح والسلام مع الله والقريب، تكتسي قلوبنا بالفضائل وترتاح نفوسنا في محضر الله. إن الحصانة السيكولوجية تعيننا أن نواجه الخوف بالثقة بالله وأن نواجه الظروف الصعبة بالإيمان والرجاء والشكر وأن نواجه ضجة الارتباك بالترنيم ووضوح كلمة الله ودعوتها إلى المحبة والخدمة المضحية. طريق المناعة السيكولوجية التصاقنا بربنا يسوع المسيح والتزامنا بتعاليمه. وتتميز المسيحية بسكنى الروح القدس في قلوب أتباع المسيح. فالعلاقة الروحية الصحيحة مع روح الله تثمر مناعة سيكولوجية ترنم في السجن وتشكر في المقابر وتخدم في المستشفيات وترجو الله في كل شيء. من له إذن للسمع فليسمع.