قرأت اليوم خبرا تقشعر له الأبدان: زوج يقتل زوجته أمام أعين أولاده الصغار الأربعة ... لم تكن علاقة الزوجين في أحسن حال، ولكن ليس لدرجة القتل كما أدلى معارفهم، والأسوأ من ذلك أن الزوج يعمل في سلك الشرطة وتطبيق القانون !!!
يقول كاتب الخبر أن الكثير من العائلات، بالذات في الآونة الأخيرة، ترزح تحت ضيق شديد بسبب الإغلاق الذي سببته الجائحة المستشرية، ضيق مادي، اجتماعي، عائلي، الذي تصاعد بسبب التواجد المستمر للأولاد داخل البيت وما إلى ذلك، مما أدى الى ارتفاع منسوب العنف العائلي والمشاكل في حياة الأزواج في كل مكان.
نعم – الأمر محزن للغاية والصورة مأساوية جدا، فبعد حوالي نيف من بداية الجائحة نرى صورة في قمة البلية، فالأولاد متروكون، والأهل متخبطون، والمجتمع يتفكك والاقتصاد ينهار، والمصالح تُغلق من يوم إلى يوم، وازداد المجهول على اليقين، اضطراب أمم بحيرة في كل الأرض والخليقة تئن وتتمخض من خوف ما سيقع على المسكونة.
مما لا شك فيه أن حلول الجائحة رفع من منسوب الضيق بدرجة كبيرة وعلى أكبر صعيد شهدته البشرية: كل الأرض، من هنا فازدياد الضيق "بطوله وعرضه"، هو أمر لا شك فيه، ولكن السؤال هو: هل مع ازدياد الضيق ازدادت الخطية أيضا، وبالتالي نرى مشاهد العنف المستشرية في بلادنا، كالفاجعة المؤسفة التي ذكرناها في مطلع الكلام (وهذا مجرد مثال لأحداث مشابهة كثيرة)، وكذلك أحداث القتل والإجرام التي تشهدها بلادنا في الآونة الأخيرة، بالذات في مجتمعنا العربي، العنف والقتل في العائلات المصغرة أو الموسعة، كذلك الزنى والنجاسة والشهوات الجنسية التي استفحلت عبر مواقع الانترنت كون الناس في بيوتهم والمجتمعات المنحصرة في بلادها.
باعتقادي أن هذا الوباء لم "يزد" من "كمية" الخطية بقدر كشف وظهور بشاعتها ما بعد الجائحة، فالخطية مستشرية على أنواعها، تلك المذكورة وغيرها الكثير الكثير، قبل الجائحة، ولكن الأمر لم يكن واضحا كاليوم، فانحصار المجتمعات جراء الجائحة جعل الخطية تنفجر لتبعث بروائحها الكريهة في كل مكان وعلى شتى أنواعها.
نقول ونؤكد ذلك كي لا ننخدع من الوضع الذي سبق مجيء الجائحة، وكأنه كان "أفضل"، ف"الهدوء"، إذا صح التعبير، الذي كان قبيل الجائحة لم يكن إلا "هدوء ما قبل العاصفة"، فالأوضاع من ناحية "عظم الخطية وبشاعتها" لم تكن أفضل، ولكن كانت مستترة وراء "الأوضاع الآمنة".
وإذا كنا في صدد الحديث عن الكنائس على المستوى العالمي، فهي من الخارج مغلقة اليوم، ولكن ما هو وضع الكنيسة من الداخل وما هي حالة "مؤمنيها" أو "زائريها" أو "المترددين عليها"؟! لا شك أن الجائحة كانت بمثابة "غربال" لكنيسة الرب في كل مكان، فهناك الكنائس التي أُغلقت وللأسف بيعت، وهناك الكنائس التي ثبتت وصمدت بل وقويت أمام هذه العاصفة الهوجاء.
هناك مقولة عربية تقول: "اذا ما خربت ما بتعمر"، وفي نهاية سفر الرؤيا يقول: "10. وقال لي: «لا تختم على اقوال نبوة هذا الكتاب، لان الوقت قريب 11. من يظلم فليظلم بعد. ومن هو نجس فليتنجس بعد. ومن هو بار فليتبرر بعد. ومن هو مقدس فليتقدس بعد"، وكأن الوباء كان المحفز والمنبه الذي حدا بالبشر أن يظلموا ويتنجسوا بعد من جهة، وأن يتبرروا ويتقدسوا بعد من جهة أخرى، وبالتالي فالوباء حدا بالبشرية بالتقطب للشر وللخير "لأن الوقت قريب".
وها نحن الآن، كما يبدو، على عتبة الخروج من الضائقة والعودة "للحياة الطبيعية" التي يصبو إليها كل البشر، فالحذار الحذار من أن نعود لحياتنا كما كانت عليه قبل الجائحة، فحري بنا أن نتبرر ونتقدس بعد كي تعمر كنائسنا بالنفوس الأمينة المملوءة من محبة الله، ولكي "تُبنى الخرب القديمة" منا لإقامة أساسات دور فدور، لترميم الثغرة وإرجاع المسالك للسكنى (أشعياء 58: 12).
حري بنا أن نكون جاهزين لملاقاة الرب في الهواء، وبالتالي حري بكنيسة الرب أن تكون جاهزة ومزينة وعفيفة لملاقاة عريسها.