سأل يسوعُ المَسِيح بطرسَ:
(، أَتُحِبُّنِي..)
"يوحنا21: 15"
من هو بطرس؟ (بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ.)"متى 10: 12"
مهنته: صياد أسماك. تغيرت بمجيء المسيح من صياد أسماك إلى صياد ناس.
عمره: ممكن هو أكبر التلاميذ عمرًا ( وَكَانَ الاثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعًا. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ،)"يوحنا 20: 12"
صفاته: مندفع، متسرع، مؤمن بسرعة، متراجع، غاضب، خائف، ناكر للمسيح.
- كان الرَّبُّ دومًا يسأل التلاميذ فيهبُّ بطرس متسرعًا ويجيب عنهم: ( قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِىَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ،..)"متى 26: 31"
أجاب بطرس مندفعًا: ( وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا.)"متى 26: 33"
- (قالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.)"متى 26: 34"
قال بطرس كأنه يراهن الرَّبَّ على وعده: ( وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!) "متى26: 25" هكذا نحن أيضًا نتشدق اليوم لمن يشكُّ في موقفنا في قضية تتطلب تآزرنا معه ترانا نقطع وعدًا بتحدٍّ كبيرٍ: " بشرفي لن أتراجع عن الدفاع عنك." لكن حينما يأتي الموقف الصعب ترانا نتلعثم نرتبك نتراجع...إلخ. لذلك أسرعَ بطرس ونكث بوعده للرَّبِّ وأنكر بقسم وإدعى أنه أصلًا لا يعرف الرَّبَّ. ثم لعن وحلف ( وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.)"متى 26: 74"
تذكر بطرس كلام الرَّبِّ. كلام الرَّبِّ حق ليس فيه مجاملة. تذكر عندما قالَ له: ( قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.) كأن الديك أصبح شاهدًا على نكران بطرس للرَّبِ، ثلاث مرَّاتٍ صاح الديك، ثلاث مرَّاتٍ أنكر بطرس الرَّبَّ!
لذلك أعادَ الرَّبُّ على أذهان بطرس نكرانه له لثلاث مرَّاتٍ وهو يسأله ثلاث مرَّات. لم يقل له الرَّبُّ: لماذا أنكرتني؟ هل تكرهني؟ لماذا خفتَ؟ بل قالَ له:( يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ.)"يوحنا21: 15"
قد يثأرُ سؤال: لماذا هذا الإنكار يا ترى؟
إنها بديهية الحياة أن المواقف لن تصنع بالكلام الأجوف الفارغ ولا يثبت فيها الرجال بإبراز العضلات، بل بقوة القلوب وهذه لا تتحقق إلا إذا كان القلب مسكنًا لروح الله القدوس. لذلك يوم أنكر بطرس الرَّبَّ لم يكن روح الله القدوس قد نزل على التلاميذ بعدُ. لذلك لا يعاب بطرس لأنه أنكر الرَّبَّ بل أثبت له الرَّبُّ أن من غيره لن يقوى على الثبات. دعونا نشكر بطرس على فعلته ونمجدُ الرَّبَّ على تسامحه وتعليمه ونحن نتعلمُ درسًا بليغًا يشرح فيه لنا المعلم الأعظم بأن الثبات في محبة الله والولاء والطاعة له لا تكون بقوتنا البشرية بل بوجود روح الله القدوس فينا لأن ( وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ،)"لوقا 12: 11" قد يثأر سؤال آخر مفاده: أليس هناك رجال أبطال تحدوا الأعداء في الحروب المستعرة نيرانها بين جيوش الدول من حول العالم؟ أجيبُ بكلمة "نعم." ليبقى الفرق بين هذا الجندي الباسل الذي يفدي بروحه دفاعًا عن الوطن وبين المؤمن بالرَّبِّ، أن الأول بعد الموت لا يضمن مصيره على عكس الثاني الذي ينام على رجاء القيامة لأنه وضع نفسه ضحية على اسم الرَّبِّ يسوع المسيح. الأول حصل على تكريم الناس أما الثاني فنال الملكوت.
ما هو رأي القارئ إذا وضعَ نفسه بدلًا عن بطرس؟ الجواب ذي شقين: إذا إعتمدَ على قوته لا محالة سينكرَ كما فعل بطرس، إما إذا إعتمد على الله يعني أن الله سمحَ له أن يدخل إختبارًا، حينئذٍ سيسكت ولن ينكر حتى لو تم تهديده بالقتل أو بالذبح كما حدث مع الأحد عشر قبطيًا مسيحيًّا في ليبيا الذين ساروا بإيمان سير القديسين الشهداء فلم ينكروا لأنهم لم يتبجحوا بقوتهم بل صمتوا سكتوا بينما روح الله يقودهم نحو الفردوس.
لكيلا ينكر (لوقا 12: 9) الواحد منا الرَّبَّ في الظروف الصعبة عليه أن يصلي يطلب حضور الروح القدس وهو يطلبُ حماية الرَّبِّ يسوع المسيح لكيلا يقع صريع ضعفه وخوفه فيخسر الرَّبَّ. هناك مواقف في الحياة لن تقوى القوة البشرية على الوقوف أمامها، لذلك لا بدَّ من الصلاة بلجاجة ( يا رّبُّ لن أقوى على الوقوف في وجه مسلحي داعش، أنا ضعيفٌ لكني بكَ قويٌّ، أسرع يا رَبُّ وأحمني لكيلا أضعف فأنكرك فأخسر الملكوت. آمين) لا يفضل أن يعتمد الواحد منا في هكذا ظرف على قوته الشخصية لأنه لو نجح لن ينال الخلاص بل مدح الناس والمدح لا يوصل إلى الملكوت. أمام كل قوة قوة أقوى، ممكن أن يخر القويُّ لا محالة سينكر الرَّبَّ حينئذٍ لن ينفع الندم ولا البكاء ولا اليأس. لا أتمنى الإنتحار لمن وقع في موقفٍ صعبٍ كما فعل يهوذا الإسخريوطي (متى 27: 5) بل ننظر إلى بطرس أنه طلبَ المغفرة من الرَّبِّ فكانت له.
لطفًا يا أخي في الرَّبِّ لا تراهن أبدًا على إيمانكَ بقوتك بل أترك المستحيل ليتحقق بقوة الرَّبِّ ( لأنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.)"متى 10: 20"