عندما صلب المسيح على صليب الجلجثة قبل الفي عام، تحول الصليب من رمز للعار الى رمز للفخر. بموت المسيح على الصليب تحولت وسيلة الاعدام الرومانية القديمة الى الوسيلة التي تمم فيها الله خطته للخلاص بموت المسيح كفارة لخطاينا.
مع الوقت، اصبح الصليب شعار الايمان المسيحي ويفتخر المؤمنون بالصليب ويضعونه على صدورهم ويعلقونه في الكنائس والبيوت. خلال العصور لربما نسي البعض معنى الصليب واساء أخرون استخدام شعار الصليب، وحري بنا في هذا الموسم ان نتذكر معنى الصليب الحقيقي وكيف ان الله بيّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا.
قبل حوالي اربعين عاما اهداني سائح اجنبي على ضفاف بحيرة طبريا صليب معدني صغير مكتوب عليه "يسوع المسيح هو رب". لا اذكر من كان هذا السائح ولكنه ومنذ ذلك الوقت وانا احمل هذا الصليب داخل محفطتي في كل مكان اذهب اليه. لم اؤمن يوما ان لهذا الصليب الصغير قوة خاصة ولكن وجوده المستمر معي كان تذكارا لي عن محبة الله لي.
منذ ذلك الوقت جال هذا الصليب معي في كل مراحل حياتي، وسافر معي الى كل البلدان التي عشت فيها او زرتها، وانتقل من محفظة مهترئة الى اخرى جديدة، وضاع اخيرا هذا الصليب قبل حوالي سنة. حزنت لأنني فقدته بسبب رمزية هذا الصليب الذي رافقني كل هذه السنين. بحثت عنه في كل مكان ولم اجد له اي اثر.
قبل اسابيع وبينما كنت احرك الأثاث في مكتبي لتوصيل اسلاك للحاسوب، وجدت الصليب مختبئا تحت احدى ارجل الطاولة، فكانت فرحتي لا توصف. تذكّرت كيف فرحت المرأة في المثال الذي اعطاه المسيح في لوقا 15. هي اضاعت درهم وثم وجدته "امراة لها عشرة دراهم ان اضاعت درهما واحدا الا توقد سراجا وتكنس البيت وتفتش باجتهاد حتى تجده؟ واذا وجدته تدعو الصديقات والجارات قائلة: افرحن معي لاني وجدت الدرهم الذي اضعته".
ان الصليب المعدني الصغير الذي وجدته هو مثال لشيء عزيز يضيع ونبذل جهد حتى نجده، تماما كما بحثت المرأة عن الدرهم المفقود وفرحت عندما وجدته، وكيف يقوم الراعي الصالح بالبحث عن الخروف الضال حتى يجده، وإذ وجده، يضعه على منكبيه فرحا ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلا لهم: افرحوا معي، لأني وجدت خروفي الضال.
ان المسيح هو الراعي الصالح الذي يبحث عن الخراف الضالة، اذ اخلى نفسه، اخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس، واذ وجد في الهيئة كانسان، وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب.
بينما نحتفل بصلب المسيح دعونا نتذكر اننا كنا اموات بالذنوب والخطايا لكن الله بغنى رحمته، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، اتى يبحث عنا ومات عوضا عنا على الصليب، وصار لنا خلاص بواسطة موته الكفاري.
دعونا نحمل الصليب الحقيقي كل يوم في قلوبنا متذكرين قصة الحب العجيب التي رواها لنا المسيح على صليب الجلجثة.