إن كان الموتى لا يقومون (1كور 15: 15)
أقدّمُ التعازي القلبية لخادمة الرب كارولين، زوجة خادم الرّب لبيب مدانات ولجميع عائلتها. وأقدّم التعازي لأمي أم سهيل ولأخوتي سهيل وفيليب وسلام وسنثيا ولباقي أفراد الأسرة الأعزاء ولكنيسة الاتحاد المسيحي ولكل محبي صديقي وأخي العزيز وشريكي في الخدمة لبيب. وسأقدمُ كلمةً بسيطة أتحدَّثُ فيها عن الإيمان المسيحي. وهي بعنوان إن كان الموتى لا يقومون؟ من رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس الفصل 15 والآية 15.
إن كان الموتى لا يقومون . . . الموت عدوٌ جبارٌ. يستطيع أن يحصدَ النفوسَ لكل الأعمار. يموتُ الأشخاصُ في بطون أمهاتهم وفي كل الأعمار. ولا يوجد بلدٌ أو أرضٌ بلا موت. ولا توجد حقبةٌ تاريخيةٌ بلا موت. وصاحبُ الصحة والمريضُ كلاهما يموت والغني والفقيرُ كلاهما يموت. والمتعلمُ والجاهل كلاهما يموت، وكذلك الرجلُ والمرأة والشاب والمُسن، لا يوجد استثناءٌ. تغلّب الموتُ على حواجز المطارات والحدود والحضارات وتجوّل في كل الأزمنة والأوقات صار الموتُ العدوَ الأوّل والأكثرَ رهبة. ولا يستطيع أحدٌ أن يمنع الموت من الدخول. فحتى أقوى القِلاع والأبواب الحديدية لا تستطيع أن تمنعه من القدوم. فقد يأتي في الليل أو في النهار، في الطفولة أو في الشيخوخة، في الفرح أو في الحزن، في وقت مناسب ووقت غير مناسب، في المستقبل وربما الآن. ما أبغض الموت!
لقد دخل الموت إلى شوارعنا تارة عن طريق الكورونا وطورا عن طريق مشاكل القلب وتعددت الأسباب والموت واحد. فلا أدويةً ولا أحجبةً ولا طقوسَ دينيةٍ ولا عطورَ ولا فلسفاتٍ تستطيع أن تزيل شبحَ الموت. لقد دخل الموت إلى حلبة البشرية وبدأ بتوجيه الضربات القاضية لأبطالنا وأحبائنا. فقتل القديسين وسحق الفلاسفة وأبعد الأحباء والأقرباء. وزرع الدموع ونشر الاكتئاب. الموت عدو جبار. فإن كان الموتى لا يقومون فما أشقى البشر!
وتعددت أشكال الموت من موت الضمير والموت الأخلاقي والموت الروحي والموت الأبدي وموت الجسد. لقد ظن الكثيرون أن أسوأ أنواع الموت هو موت الجسد وانفصال الروح عن الجسد. إن موت النفس وتوقف دقات قلب الضمير والموت الأخلاقي أسوأ من موت الجسد. فقد يكون الجسدُ حياً والنفس ميتة. والأسوأ من ذلك هو موت الروح. يعيش الجسدُ بينما الروحُ فيه ميتة لا تعرف رب الحياة. وموت الروح هو حكم الإعدام إذ يتبعه الموت الأبدي. وإن كان الموتى لا يقومون فما أشقى الخطأة وما أشقى أصحاب الضمير المعذب والأخلاق الفاسدة وما أشقى الذين يعانون من الأمراض المزمنة والقلوب المنكسرة والطلاق والخيانة والمرارة. وأين الرجاء؟
إن كان الموتى لا يقومون فنحن أشقى جميع البشر. إن الحياة التي تنتهي بالموت ولا بقاء بعدها هي حياة لا تستحق أن نحياها. ولكن الكلمة الأخيرة ليست للموت. وقال المرنم: لست يا موت بشيءٍ منك لا نخشى وعيدا إنما يسوع حي فعلينا لن تسودا. القيامة في المسيح قهرت الموت وتحطمت قوته تحت قدمي يسوع الحي الذي داس الموت بالموت وقام فقامت معه حضارة بأكملها مليئة بالمحبة والغفران والرجاء. لقد اكتشف لبيب سر هذه القيامة. هي ليست قيامة تبدأ بعد أن يصل الجسد إلى القبر بل قيامة تنطلق بنور رباني بعد أن يتقابل الإنسان مع يسوع الحي. اكتشف لبيب قيامة الضمير وقيامة الأخلاق وقيامة الروح وقيامة الحب والغفران حتى لأحقر الناس وأصعبهم. اكتشف الحياة عندما اكتشف المسيح الذي هو القيامة والحياة. اكتشف كرت العبور من عالمنا إلى عالم الحياة التي لا تموت. اكتشف الحياة وسط الموت. فكما اكتشف الرسل المسيح الحي في المقبرة اكتشف لبيب المسيح الحي يسير في حارة النصارى وفي الأردن ويجلس في السيارة مع السائق ويُكلم مدمن المخدرات ومنكسري القلوب. لقد اكتشف لبيب يسوع يحاور رجال الدين ورجال الإرهاب والجنود وأصحاب القلوب القاسية والقلوب المنكسرة المفتوحة لسماع الإنجيل. وكان لبيب يتمتع برؤية يسوع وهو يحرّر ويتحدى وينقد أسرى الموت.
نعم فارقت الروح جسد لبيب. وغادرت لتصل أحضان الله. تركنا لبيب لكنه ترك لنا حبه وقناعته وإيمانه ورجاءه وثمر أعماله. ترك لنا مثالا للإيمان الشجاع الذي يتحدى الموت بكل أشكاله. وفي معركته الأخيرة لم يغلبه الموت بل غلب الموت وأجبره أن يفتح له الباب ليمر إلى أحضان سيده يسوع المسيح، مخلص كل من يتوجه إليه. لقد حضنا لبيب بأذرعنا لبضع لحظات لكن قلوبنا ودموعنا تحضنه في كل لحظة نحياها. فلنكرمه بإكرام سيّده يسوع المسيح. فإن كان الموتى لا يقومون تكون حياة لبيب بلا معنى. ولكن الموتى يقومون لأن المسيح قام. والموتى يقومون من كل أشكال الموت عندما يذهبون إلى يسوع المسيح. فمن آمن به وإن مات فسيحيا وكل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد. سيبقى لبيب معنا إلى الأبد. ليس إلى أن نموت بل إلى الأبد حين نلتقيه مرة أخرى لأننا آمنا أن يسوع هو المسيح، مخلّص العالم.
هل أنت مستعد كما كان لبيب مستعدا. الموتى يقومون ولكن لا يقومون جميعهم إلى نفس المصير. بعضهم يقوم إلى الحياة الأبدية وبعضهم الآخر إلى العذاب الأبدي. فمن قبل المسيح رباً وإلها كما فعل أخي لبيب سيكون مصيرة الحياة. وصلاتي أن نكون جميعنا مؤمنين أن يسوع هو المسيح وأنه يستحق أن نكرمه ونقبله رباً وإلها ومخلصا من كل أنواع الموت. ربنا يعزي قلوبكم جميعاً.