عند الضيقات يظهر من بيننا من يثبتُ أمام الظلم مؤمنًا إن الاِضهاد اِستحقاق للمفديين. عند الشدائد يظهر إيمان المغسولين بدم الحمل بأعمال ثباتهم.. عند الأزمات يثبت من في ضعفاته قوة الرَّبِّ يسوع المسيح وفي قلبه خوف الله وحب الغير ومحبة الآخرين.. عند الكوارث بينما يهرب البعض خائفين! ترى المؤمنين بالرَّبِّ يسوع يثبتون في أماكنهم كما يثبت الجندي الذي لازم خندقه أو موضعه لا يفارقه وهو عالم إن روحه قد تفارقه في أية لحظة! علمًا أنه يعلم علم اليقين أن الحرب فُرِضّت عليه كواطنٍ سِيق إليها مُرغَمًا.
ها هم مَن وقف اليوم لأكثر من سنتين أمام عدوٍّ لا يرى بالعين المجردة! إنهم الجيش الأبيض (الطبيب، الطبيبة، المضمدة، المضمد) شكرًا أيها الطاقم الطبي على دفاعكم عن أبناء شعوبكم من حول العالم وأنتم تحاربون وباء كورونا وأُبركم (سرنجات) لا لقاح مضاد فيها يُميت ويقضي على كورونا نهائيًّا مع ذلك نراكم تحاربون بشتى الأدوية المضادة من أجل وقف هجوم هذا الوباء، حالكم يشبه حال المؤمن بالرَّبِّ يسوع وقد تركه معظمهم لكنه تمسمر في مكانه بقوة مسامير الإيمان، او حالكم كحال الجندي في ساحة الوغى وقد إنتهت طلقات بندقيته، لكنه لا يهرب بل يثبت ويحارب بالحربة (السلاح الأبيض) لكي لا يحتل الغاشم أرضه ويسبي بنات وطنه وهو العالم بأن السلام أفضل من الحرب لكن لكن وألف لكن. لقد أثبتم يا أعضاء الطاقم الطبي بأنكم أبطال بشجاعة لذلك على البشر من حول العالم أن يقفوا إحترامًا لكم. أيها الأبطال سيسجل التأريخ وقفتكم، لن ينسى أبناء كل الشعوب كفاحكم من أجل وقف نزيف الموت بسبب وباء كورونا، لقد فاق صيتكم الطيب كل صيت في العالم بل وازى إن لم يعبر صيت الجندي الباسل.
لن يعود التأريخ من بعد اليوم ينظر إلى أن ساحة الحرب لست شخصيًّا مع أية حرب تُشَنُّ. حِكْرًا على جيشين متحاربين فقط، لأنكم غيرتم اليوم المعنى القديم لساحات الحروب فصارت حتى ردهات المستشفيات ساحة وغى فيها الطاقم الطبي (الجيش) يدافع بأسلحة العلاج من دواء وحبوب ومضاداتٍ حيويةٍ، ضد عدوٍ (وباء) لا يُرى بالعين المجردة. بتضحيتكم وتفانيكم في عملكم إستطعتم أن تسموا بأخلاق مهنتم إلى المستوى الإنساني الرفيع. إنكم تحاربون عدوًا غير مرئيٍّ ولا تعرفون من أين هو خط هجومه أو مجيئه ولا إتجاهه، لكنكم تعرفون حقيقتين: أولهما/ أن كورونا لن يهربَ من أمام البشر الذين هم هدفه لأنه لن يشبع من قتلهم ولن يروي ظمأه مهما شرب من دمائهم. أما الحقيقة الثانية/ هي أنكم قررتم أن لا تتزعزعوا من أماكنكم إلى أن تقضوا على آخر خبيثٍ من خبثاء كورونا تجرأ ودخل جسم مواطن من حول العالم.
زدتم من إخلاصكم لمهنتكم الإنسانية بثباتكم في مستشفياتكم، دون أن تبرحوها وأنتم على علم أنه من الممكن أن يصاب الواحد منكم بداء وباء كورونا منقولًا له من المريض الراقد في مستشفياتكم مع ذلك لم تُطلِقوا سيقانكم للهواء هربًا من مواجهة عدوٍ لدود وخبيث همه قتل البشر دون أن يُفرق بين الصغير والكبير سنًا. فعلًا إنصاب العشرات من أعضاء طواقمكم بكورونا وفارقوا الحياة وهم واقفون أمام أسرَّة المرضى، كما يقف الجندي؛ على الرغم من تيقنه أنه لو جلس الرُّؤَسَاءُ والْقَادَةُ حول طاولة السلام لن يكون هناك مبرر لوجود أي جندي في خندق المعركة؛ في جبهة القتال وقد سقط أمامه برصاص العدو صديقه الجندي جريحًا حتى حمله بيده وبيده الأخرى بندقيته يرمي على العدو. هنيئًا لكم يا كل الطواقم الطبية من حول العالم على ما تفعلونه من أجل القضاء على وباء كورونا.
بقلم/ المحامي والقاص
والطالب في كلية بيت لحم للكتاب المقدس
مارتن كورش تمرس لولو