كتب مجموعةٌ من الكهنة الأرثوذكس وثيقة لاهوتية تعبّر عن موقفهم الكنسي كمواطنين روس أورثوذكس. ولقد انبهرت بعمقها اللاهوتي وتشجعت بتوجهها الذي يُشدد على المحبة والمصالحة. ونستطيع أن نتعلم من هذه الوثيقة القصيرة ولكنها غنية بمضمونها. وبعض الدروس التي قد نتعلمها هي ما يلي:
1. تؤكد الوثيقة أن ثمن حياة الإنسان يفوق كل تصور. فحياتنا هدية من الله ولهذا يجب أن نقف ضد الحروب التي تسلب الإنسان حياته ويجب أن نعترض على قتل الإنسان لأخيه الإنسان.
2. وتضر الحروب البشرية ضررا كبيرا. فتدمر العلاقات البشرية والاحترام والمحبة المتبادلة. ولهذا تحذر الكنيسة من مضرة الحروب وتذكّر صانعيها بعدالة الله ودينونته.
3. وتنادي الوثيقة بحرية الشعوب في اختيار مصيرها. فهذه نعمة ربانية حباها الله للشعوب. ولا يجب أن ننشر قانون الغاب ولا يجب أن تتسلط الشعوب على بعضها بعضا فيحرم القوي الضعيف من حق الاختيار أو يفرض القوي الخيارات على الضعيف والبنادق موجهة إلى رأسه.
4. وتذكرنا الوثيقة بالغفران. فالغفران نقطة الانطلاق نحو المصالحة. ولا يمكن الاستغناء عنه. وليس الغفران خيانة أو ضعفا بل هو القوة بذاتها. ويتجذر الغفران القويم في التوبة وفي ادراك دينونة الله العادلة ويجب الإقرار بخطأ الغزو الروسي لأوكرانيا.
5. وتدعو الوثيقة لصنع السلام وتذكرنا بخطة الله التي تنشر السلام. فصنع السلام متعارض مع عقلية الحروب ومتناغم مع خلق مناخ يشجع الحوار واللاعنف.
لقد تشجعت من إخوتي الأرثوذكس الروس، مع حفظ الألقاب إذ كتب هذه الوثيقة نحو 176 كاهنا في مراتب كهنوتية مختلفة. واعتقد أن اتباع يسوع المسيح في الأراضي المقدسة يستطيعون أن يتعلموا من هذه الوثيقة. وبعض الدروس الممكنة هي ما يلي:
1. يجب أن نقاوم الاغراءات السياسية التي تسعى إلى تسييس الكنيسة وحعلها أداة في يد الدولة. فالسلطة الفلسطينية تريد كنيسة فلسطينية تروج برامجها السياسية، وكذلك تريد حكومة إسرائيل كنيسة تروج سياستها. لكن الكنيسة هي كنيسة الرب وتساند العدل والمحبة والغفران وتتحدى السياسة المجحفة. فالكنيسة تمثل الله أولا وليس الدولة.
2. يجب أن يتحلى أتباع المسيح بالشجاعة ليتحدوا الدولة إن لزم الأمر. فعندما تسعى الدولة لنشر الحروب والكراهية والعداوة والغضب وعدم الغفران وقتل الناس فعندئذ يجب ألا تصمت الكنيسة بل تكون ضمير الأمة وتنشر قيم ملكوت الله.
3. يجب أن تكون الكنيسة صانعة سلام وليس مكانا لنشر الحرب باسم الله. ويتطلب صنع السلام الغفران والرحمة والنعمة والعدالة والسير نحو المصالحة بقلب مسيحي متواصل مع الله ومنفتح لكل إنسان. فليست الكنيسة إقصائية بل شمولية وهي ليست لشعب واحد بل لكل الشعوب.
أخيرا، أشكر الكهنة الأرثوذكس الذين كتبوا الوثيقة وأصلي من أجل السلام لأوكرانيا وروسيا. وأصلي أيضا من اجل السلام في فلسطين وإسرائيل. وأدعو الكنيسة أن تتمسك بأخلاقيات الملكوت وتجعلها المعيار الأعلى والحاكم على أخلاقيات الدولة. فولائي الأول والأعلى هو السيد يسوع المسيح ومملكته وتعاليمه. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نكون مواطنين صالحين ورسلاً لحضارة المحبة والعدالة والسلام ومصالحة الناس مع الله ومع بعضهم بعضا. لله المجد.