نسجد لآلامك
سبى قلبي بحب كبير حبٍ عظيمٍ فاق الخيال
لم أكُ أدرك للحب معنىً قبل أن عهِدت الحبَّ الحلال
حبٌ ما بعده حبا امتد عبر الأزمان وطال
مذ بدء الخليقة كان كائنٌ عبر عصور طوال
هو الممسك أطرافَ الكون شرقا غربا جنوبا وشَمال
بكلمة هدّأَ العاصفةً والنوءَ المائجَ سكن في الحال
هو الذي يحيي الموتى ضابطُ الزمن مغيّرُ الأحوال
بستة أيام خلق الحياة أبدع الأرض بخالص الكمال
كيف أصف رب الخليقة وهو عن الوصف مُحال
ما حبيبك من حبيبٍ سُؤلت عروس النشيد سؤال
حبيبي أبيض وأحمر ذهبُ إبريزٍ كامل الخصال
إن كان حبيبك هكذا فهو إذن محققُ الآمال
به سمعت آذانُنا نعم ورأت عيونُنا من خلال
عملِ الصليب وكم عبّر عن حبه الفائض الشّلال
حبٌ فاق الإدراكَ بقدرِ حرثِ الظهرِ وعمقِ الكَلال
بقدرِ العصرِ والضغطِ كذا بجنبه المطعونِ والنزفِ السيّال
بين لصوص عُلِّق ربي بحُكم الظلم والغُبن القتّال
شرب الكأسَ كلَّه وحيدا متروكا في وهدةِ الأهوال
لِمَ كلُّ ذا العنى سيّدي ألَمٌ مبرِّحٌ دون احتمال
فنحن بشَرٌ خطاةٌ كلُّنا غَرُبت شمسُنا ونورُنا مال
صعد شرُّنا أمام عرشك علا كثيرا إلى الأعال
لا تستحقُ شبهَ ألمٍ فأنت الإله وأنا العبد البطّال
يا من ظُلِمتَ من خلقك لاقوكَ بفنِّ الضربِ بأشكال
وأنت من صنع كلَّ خير جائلا بلادا من هضاب وجبال
لم تحسِب خُلسةً لتعادلَ الآب لم تُخفِ ذلك تحت مكيال
فصرخوا في وجهك "قد جدّف" وأنت العالي فوق كل عال
كيف ظلموك ربي وقد قادوك للموت بأصفادٍ وأغلال
ثارت الجبلةُ على جابِلِها وأنت الفخاري ومصمّمُ الأعمال
كيف يمسُّك سوءٌ وأنت ربُّ البيت رأس الرجال
قصدتَ الصلبَ طوعا واختيارا دون البكاءِ على الأطلال
كي تغفرَ إثمَ خطيتي كي تمحو سوء الأفعال
لبَشَرٍ قد يبيدوا بنفخةٍ لا يساووا ظلَّ ظِلال
أناسٌ نِجاسٌ نحن كلُّنا لطخةُ إثمٍ وحفنُ رمال
وصمةُ عار لخلقٍ سامٍ هي الخطيةُ يا لسوء الحال
مع كل هذا فقد اخترتَ أن تقوم وتشَد الرِّحال
قدومُك الأرضَ لم يكن بحساب بشرٍ أو ليخطُرَ ببال
لم يفهموا كذا لم يعوا أنك المخلّص قالوا من قال
هو قول الكتاب أنظروا فتشوا الكتب بفحصٍ فعّال
دققوا النظر كي تعلموا بأن ملءَ الزمان حالّ
هو زمن الرب لخلاصٍ نعم هو موعد الإرسال
قبِلَ أن يترك مجد السما رضي أن يرتحل ارتحال
وأن يسكن أرض الشقا صانعا خيرا في أرضِنا جال
نازلا حتى جوفَ الهاوية بشَّرَ الموتى بثلاث ليال
ومِن ضغط الخطية واللعن انفصل عنه الآب انفصال
للحظةٍ حجب الوجه عنه كي يمنح أبدية لأجيال
محا صك الخطية عنا أزال قذر العار لإبطال
على حساب حبره الأقدس دعانا من عبيد لأبطال
لذا نسجد لآلامك ربي لاسمك نهدي كلَّ إجلال