قرأت بألم وتوجع في نص درس من دروس علم اللاهوت عن تاريخ انقسام الكنيسة:
بعد أن كانت الكنيسة في بدايتها محمولة على أيادي تلاميذها الإثني عشر إذا بها: "انشقت مجموعة عن الكنيسة الشرقية الأشُّورية عام 1552م أطلقوا على أنفسهم الكنيسة الكلدانية. كذلك انشقت مجموعة الكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية عام 1724م أطلقوا على أنفسهم الكنيسة الكاثوليكية اليونانية أو الكنيسة الملكية. كذلك انشقت مجموعة عن الكنيسة الأرمنية الأرثوذوكسية عام 1740م أطلقوا على أنفسهم الكنيسة الكاثوليكية الأرمنية. كذلك انشقت مجموعة عن الكنيسة الأرثوذوكسية السورية عام 1774م أطلقوا على أنفسهم الكنيسة الكاثوليكية السورية. وأخيرًا انشقت مجموعة أخرى عن الكنيسة الأرثوذوكسية القبطية عام 1824م أطلقوا على أنفسهم الكنيسة الكاثوليكية القبطية." (المرجع هو مساق تاريخ الكنيسة، ربيع 2023. كراس "المناظرات اللاهوتية حول طبيعة المسيح." والصفحتين 10 و 11).
هذا التقسيم والانشطار الذي حدث في جسد الكنيسة والذي لا زلنا كمؤمنين نعاني منه لحد هذا اليوم! لأن نتائجه لا زالت مستمرة بل التقسيم مستمر ولا زال ففي كل فترة نسمع عن كنيسة جديدة تأسست على أثر اشطارها من الكنيسة الأولى ولن نقول الكنيسة الأم لأنها كانت هي الكنيسة الأولى التي تأسست على أيدي الرسل تلاميذ المعلم الأعظم يسوع المسيح. أما الأسباب فهي عدد ولا حرج، لأنه بسبب خلافات ما بين اللاهوتين حدثت هذه الإنشطارات في الكنيسة، أنظر اليوم فلمجرد نقاش ما بين الأعضاء ترى مجموعة من الأعضاء تترك الكنيسة وتشكل كنيسة جديدة لها. لا ننكروا اليوم بوجود اللاهوتيين انقسمت المسيحية انشطرت الكنيسة فتعددت الكراسي فهذا بابا وذاك مطران وذاك أسقف. فلو نسأل أي مؤمن: هل أنت مرتاح وأنت في كنيسة وصديقك في كنيسة أخرى؟ أنت في كنيسة وجارك في كنيسة أخرى؟ أكيد الجواب سيكون: "لست مرتاحًا. لكني مع ذلك لن أحزن لأني وصديقي وجاري نتبع يسوع وإن كان كل واحد منا في كنيسة والآخر في كنيسة أخرى، إننا إخوة في الرَّبِّ."
حالة مشابهة لإنقسام الكنيسة: منذ عدة سنوات وقع خلاف بين زوجين من جيراننا، حاولت عدة مرات أن أصلح فيما بينهما، لكنهما في كل مرة بعد أن تنطفأ نيران الشجار فيما بينهما كانا مسرعًا ما يعودان في اليوم التالي إلى شجارهما. حتى سمعت ولديهما يحكيان لإبني البكر: " لو ظل الحال هكذا بين والدينا لا محالة قد يأتي يوم فيه سنتشاجر نحن الشقيقان أيضًا." ظلت شكوى ابْنَيْ جيراننا تدق ناقوس الحزن في أسماعي لأني لم أعرف يومها كيف أصلح بين والديهما. لم أنقطع عن الصلاة من أجل عدم تشطر وتشتت أفراد تلك العائلة الجارة لنا. كأن ملامح قصة أفراد تلك العائلة أقرأها اليوم في نص درس من دروس علم اللاهوت.
لذلك بسبب وجعي وأنا أضع يدي على سبب الإنقسام حثني على كتابة قصة قصيرة في هذا الموضوع:
خرجت من منزلي الكائن في مركز مدينة جنة، أسير إلى الكنيسة التي تعودت أن أذهب إليها، قبل أن أصلها سمعت أجراس ناقوسها يدق دقات متتالية، كأن طارئ ما قد وقع. إستعجلت الخطوات ما أن وصلت إلى مسافة عدة أمتار من باب هيكل الكنيسة حتى وجدت كاهنا كاثوليكيا واقفا على الجهة اليسرى من الباب، بينما يقف إلى الجهة اليمنى منه أسقف أرثوذوكسي وخلفهما يقف قسيس سرياني وإلى جانبه يقف رابي قاشا من الكنيسة الشرقية الأَشُّوريَّة، بعيد عنهم يقف قسيس بروتستانتي وخلفه يقف قسيس إنجيلي، ثم قسيس معمداني وآخر خمسيني... اندهشت وقلت في قلبي: يا رب إلى من أذهب من بين هؤلاء؟ كنت أذهب إلى الكنيسة دون أن أعرف سبب الإنقسام لكني أجد اليوم نفسي أمامه! إلتفتُّ يمينًا ثم شمالًا، رأيت الناس يسيرون منقسمين كل مجموعة إلى كاهن من بينهم! تمسمرت في مكاني! حاولت أن أسير لكني لم أقو. فصرخت: يا رَبُّ إلى من نذهب؟ إذا بي أسمع بأذن إيماني صرخة تلاميذ يسوع المسيح من على متن السفينة : "يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟"(مرقس 4: 38).
دعونا نصلي معًا: "يا معلم نتوسل إليك أن تأتي أننا نهلك منقسمين، مختلفين، معاندين... ليس غيرك يا يسوع العظيم يجمعنا (متى 18: 20) تعال اجمعنا لقد تشتتنا. تعال وأسكن في قلوبنا لقد تنجسنا. تعال يا يسوع ارحمنا. تعال كي نغسل نعل قدميك بدموعنا." آمين هللويا.
شرح رموز القصة: الباب هو الرَّبُّ يسوع المسيح. الكهنة هم اللاهوتيين. أصوات الأجراس هي صراخات المؤمنين وهم يطالبون بوحدة الكنيسة. أما الجنة فهي الكنيسة قبل الإنقسام.
المحامي: مارتن كورش تمرس لولو
الطالب: في كلية بيت لحم للكتاب المقدس