بعد عام 1948، وضع قطاع غزّة تحت السيطرة المصرية، وقد ضمّ 300 ألف إنسان منهم 280 ألف لاجئ فلسطيني من الذين خسروا بيوتهم في المناطق التي أصبحت الآن إسرائيل، وعاش عدد كبير منهم في مخيمات لاجئين في ظروف مزرية. في هذه الفترة قامت الإرساليّة المعمدانية الجنوبية من الولايات المتحدة بتأسيس خدمات طبية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وقامت بتأسيس مستشفى لها في عجلون في الأردن حيث كانت الأردن أيضا تحتضن أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، وقامت بتبني مستشفى آخر في مدينة غزة.
المستشفى الذي تبناه المعمدانيون في غزة هو مشفى قديم تأسس في عام 1882 بواسطة الجمعية الارسالية الأنجليكانية البريطانية (CMS)، وفي العام 1954 استلم ادارته المجمع المعمداني الجنوبي وغيّر اسمه الى المستشفى المعمداني. في عام 1982 تم تسليمه لإدارة الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط واصبح اسمه المستشفى الأهلي العربي وهو اسمه الى هذا اليوم.
ترأس المستشفى لمدة عشر سنوات الدكتور جيمس يانج James M. Young. مع وصول المرسلين المعمدانيين للخدمة في المستشفى، بدأت أيضًا في المستشفى كنيسة معمدانية في عام 1959 برعاية المرسل أيد نيكولاس Ed Nicolas. وفي عام 1962، استقبلت الكنيسة خادمها الوطني الأول، وهو القس حنا إبراهيم وهو مصري من مواليد سمالوط في محافظة المنيا في مصر.
في حزيران 1967 قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية من الأردن وقطاع غزة من مصر، وخلال الحرب بقي في المستشفى الطبيبان دافيد دور David Dorr وميريل مور Merrill Moore، والممرضة مارلين شيفر Marlyn Shaffer، كما بقيت الممرضات اللبنانيات والمصريات إلى جانب الممرضات المحليات وتمكن المستشفى المعمداني في غزة، الذي بقي مفتوحًا خلال الحرب من معالجة المئات من الجرحى، وأجريت فيه حوالي 130 عملية جراحية خلال أسبوعين من بداية الحرب وقد قدّر الأهالي في غزة هذه جهود الارسالية الطبية، اضف الى ذلك ان اللاجئين الذين كانوا يطلبون مأوى وطعامًا، كانوا يلجؤون الى منطقة المستشفى. وكانت الكنيسة أيضا تغص بالجرحى وهكذا كان المستشفى في حالة طوارئ مستمرة. وتم كثيرًا ما يتم استقبال الجرحى ووضعهم في العنابر في أي مكان آخر ممكن لضيف المكان وللطلب الكبير. لقد قدم المستشفى الطعام لأكثر من 500 شخص كل يوم في تلك الفترة حيث كانوا يأوون إليه خوفا من القنابل، إذ كان المستشفى المكان الأكثر أمانًا من غيره.
استمر المستشفى في خدمته بعد احتلال غزة. وكان المستشفى يدار من الإرساليّة المعمدانية، وعمل فيه أطبّاء وممرضات أمريكيون، إضافةً إلى أطبّاء وممرضين فلسطينيين بينما غادر المصريون واللبنانيون بعد الحرب. وفي 16.01.1972 استشهدت الممرضة الامريكية مافيس بيت Mavis Pate خلال مرور حافلة بالقرب من مخيم جباليا للاجئين بعد مصادمات بين فصائل من منظمة التحرير الفلسطينية ودورية إسرائيلية مسلحة وأصيب في الحادثة سائق الحافلة القس ايد نيوكالاس وبناته جوي كارول بيث وماريان. وألهمت هذه التضحية ممرضات أمريكيات كثيرات ليتبعن مثالها في التضحية في الخدمة في غزّة.
في الأول من كانون الثاني 1982، وبعد 27 سنة من تأسيس المستشفى المعمداني في غزة، تم إرجاع ملكية المستشفى إلى الإرساليّة الأنجليكانية وتم تغيير اسمه إلى المستشفى الأهلي العربي. وكان هذا قرارًا لا بد منه. فميزانية المستشفى السنوية كانت نصف مليون دولار وكان يجب جباية 80% من هذا المبلغ من المرضى، ولكن هذا أصبح مستحيلا مع وصول التضخم المالي في عام 1981 إلى 130%. وبعد نقل الملكية، بقي في المستشفى 17 مرسلًا معمدانيًّا مدفوعي الأجر من الإرساليّة المعمدانية، وبقيت إدارة مدرسة التمريض بإدارة المعمدانيين لعدة سنوات بعد ذلك.
للأسف الشديد، اصيب المستشفى بصاروخ في 17.10.2023 مما أسفر عن مقتل المئات من الفلسطينيين الذين اووا الى محيط المستشفى خوفا من الحرب المندلعة في قطاع غزة، وقد تم استخدام اسم "المستشفى المعمداني" في العديد من التقارير الإخبارية، مع ان المستشفى اليوم هو بملكية وإدارة الكنيسة الانجيلية الأسقفية ولكن يبدو ان بعض اهل غزة لا زالوا يذكرون الاسم القديم، ومساهمة المعمدانيين في خدمة اهل غزة وهي مستمرة الى يومنا هذا من خلال الكنيسة المعمدانية في غزة.