عزيزي القاريء ...
إنًّ الله يحبك محبة شديدة جداً و أنت غالٍ على قلبه و هو يريدك أن تستعيد العلاقة المقطوعة معه، و هو مستعد أن يغفر ذنوبك و ينسى كل الماضي و يبدأ معك بداية جديدة، و يا لها من بُشرى!!
التَّديُّن أم ( التوبة و الإيمان)
هل تسائلت يوماً كيف يمكنك أن تبدأ العلاقة الصحيحة مع الله؟
و هل التَّديُّن و الواجبات الدينية هي العلاقة مع الله أم التوبة و الإيمان هي نقطة البداية؟
يُعرَّف التَّديُّن بأنه محاولة الإنسان للوصول إلى الله عن طريق أداء الواجبات الدينية و الأعمال الصالحة دون توبة و إيمان.
إليك القصة التالية ذكرها السيد المسيح عن التَّديُّن و التوبة و هي قصة (الفِرّيسي و العشَّار).
الفرّيسيُّيون: هم جماعة من اليهود كانت أيام المسيح، كان تحاول الوصول إلى الله عن طريق التَّديُّن.
العشَّاروون: هي فئة كانت تعمل في جباية الضرائب و قد كانت فئة منبوذة من الشَّعب.
القصة مذكورة في إنجيل لوقا الإصحاح 18 العدد(9- 14 ):
(( 9 و قال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار و يحتقرون الآخرين هذا المَثل: 10 إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليَّا، واحد فرّيسي و الآخر عشَّار 11 أمَّا الفرِّيسي فوقف ليصلِّي في نفسه هكذا:" الّلهم أنا أشكرك أنّي لست مِثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، و لا مِثل هذا العشَّار 12 أصوم مرَّتين بالأسبوع و أعطيك عُشر ما أقتنيه". 13 وأمَّا العشَّار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلاً:" الّلهم إرحمني أنا الخاطيء". 14 أقول لكم أن هذا نزل إلى بيته مبرَّراً دون ذاك لأن كل من يرفع نفسه يتَّضع و من يضَع نفسه يرتفع. ))
من هذه القصة نَجِد أنَّ الله يقبل القلب التائب و ليس محاولات الوصول إليه بالأعمال الصالحة دون توبة صادقة. فالفرِّيسي قال لله
" أصوم مرَّتين بالأسبوع و أعطيك عُشر ما أقتنيه" أمَّا العشَّار فقرع على صدره قائلاً " الّلهم إرحمني أنا الخاطيء" دليل على الإعتراف و التوبة، و يقول السيد المسيح أن العشَّار دون الفرِّيسي نزل إلى بيته مُبرَّراً ( غُفِرَت خطاياه).
يقول الكتاب المقدس أنَّ أعمالنا الحسنة قبل التوبة و الإيمان الحقيقي بالله و الرب يسوع المسيح هي كخِرَق بالية ( بلا نفع) و هذا لا يعني أنّ الله لا يريدنا أن نعمل أعمالاً صالحة لكنها ليست أساس الخلاص و مَغفرة الخطايا.
** الخلاص: هو النجاة من حُكم الله على الإنسان بالموت الأبدي في الجحيم، حيث أنَّ حُكم الموت اجتاز إلى جميع الناس بسقوط آدم و حواء.
من الموت إلى الحياة
يقول الكتاب المقدس في رسالة رومية الإصحاح 3 و العدد 23 :
" إذ الجميع أخطأوا و أعوزهم مجد الله"، أي (العلاقة معه).
و يقول الكتاب المقدس أيضاً: (( أجرة الخطيئة هي موت و أمَّا هبة الله فهي حياة أبدية في المسيح يسوع ربنا)). رومية 6 : 23
إنَّ الخلاص عطيّة مجانية مبنية على ذبيحة المسيح الكفارية و ننالها بالتوبة و الإيمان بالرب يسوع المسيح، عندئذ نَدخُل في العلاقة الصحيحة مع الله.
" متبرِّرين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح". رومية3: 24
يصِف الكتاب المقدس حالتنا قبل التوبة و الإيمان بالرب يسوع المسيح بأننا أموات بالذنوب و الخطايا، و لكن عند التوبة و الإيمان بالرب يسوع المسيح ننال الحياة الأبدية و يُعاد إحيائنا روحياً من جديد.
إنَّ الله يريدك أن تنال الحياة الأبدية إذ يقول الكتاب المقدس:
(( إستيقظ أيها النائم و قُم من بين الأموات فيُنير لك المسيح)).
و السؤال الآن، هل تشتاق أن تبدأ علاقة صحيحة مع الله أم أنَّك من الذين يقولون " ليس اليوم يا رب"؟
إذا كان جوابك نعم فهنيئا لك أنت على الطريق الصحيح.
قال السيد المسيح: " أنا هو الطريق و الحق و الحياة ليس أحد يأتي إلى الله الآب إلَّا بي".
فالسيد المسيح يُعتبر الباب الذي من خلاله نستطيع أن نَدخُل في علاقة صحيحة مع الله بشفاعته، فلقد مات موتاً نيابياً و كفارياً على الصليب لفداء الإنسان من أجرة الخطيئة مقدماً بنفْسِه قرباناً طاهراً لله بدمه الكريم. و بعد أن مات يسوع المسيح، وُضِع في القبر لثلاثة أيام ثم قام من الموت منتصراً عليه و فتح الباب للحياة الأبدية لكل من يتوب و يُؤمن به، و هو الآن في السماء عن يمين الله يشفع في الخُطاة.
إنَّ عَمَل الفداء الذي أنجزه يسوع بموته على الصليب هو الثمن لأجرة الخطيئة، و مبدأ الخلاص مُؤسَّس على التوبة و الإيمان بالرب يسوع المسيح و موته على الصليب و قيامته من الموت، و على أساس هذا الإيمان تستطيع أن تنال غفران خطاياك و الحياة الأبدية، إذ أنَّ دم المسيح سيَستُر خطاياك.
من العُبوديَّة إلى البَنويَّة
إنَّ من أهم الأشياء التي تحدث لك عندما تتوب و تؤمن بالرب يسوع المسيح هي:
1 – تنال غفران خطاياك على حساب السيد المسيح بالثمن الذي دفعه بموته الكفَّاري على الصليب و هو دَمهُ الطاهر الثمين، فمهما كانت خطاياك تستطيع أن تنال المغفرة.
يقول الكتاب المقدس: (( إن إعترفنا بخطايانا فهو أمين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهِّرنا من كل إثم)).
رسالة القديس يوحنا الأولى الإصحاح 1 العدد 9
2 – يسْكُن فيك الروح القدس ( روح الله ) و يُعلِن أنك قد صِرت من أبناء الله، و هذا ما يُسمّيه المسيح الولادة الثانية ( الولادة الروحية) في قوله: " إن كان أحد لا يُولَد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" إنجيل يوحنا الإصحاح 3 العدد 3 .
فبالولادة الروحية نصبح من أبناء الله. و يُؤكِّد القديس بولس الرسول هذا في قوله: " لست بعد عبداً بل إبناً، و إن كنت إبناً فوارثاً لله بالمسيح".
رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل غلاطية الإصحاح 4 العدد 7.
إنَّ مشيئة الله هي أن تنال عطية الروح القدس في قلبك، فالله الآب يعطي الروح القدس للذين يسألونه، و أيضاً قال السيد المسيح:
" إن عطِش أحد فليُقبِل إليّ و يشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيَّة" و قد قال هذا عن الروح القدس.
3 – تنال الحياة الأبدية التي تبدأ هنا على الأرض في لحظة التوبة و الإيمان و تستمر في النعيم.
يقول السيد المسيح: (( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية)). إنجيل يوحنا 3 : 16
إنَّ من اهم الإمتيازات التي تنالها عند الإيمان بالرب يسوع المسيح هو أنَّك تصبح من أبناء الله بدل أن تكون عبداً للطبيعة البشرية الخاطئة التي دخلت في الإنسان بسقوط آدم و حواء من الجنة، فوعد الرب صادق:
" و أكون لكم أباً و أنتم تكونون لي بنين و بنات"
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس الإصحاح 6 : 18
و يا له من إمتياز !!! إنها حُريَّة و مجد أولاد الله.
حُريَّة من سلطة الموت الأبدي في الجحيم و من سلطة الطبيعة الخاطئة التي ورثناها بسقوط آدم و حواء، إلى طبيعة جديدة من
روح الله، فثمر الروح القدس هو: " محبة، فرح، سلام، طول أناه، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تَعفُّف".
عزيزي القاريء...
مهما كانت خلفيَّتك الدينيَّة أو عِرقك أو جنسك تستطيع أن تنال الحياة الجديدة و الأبدية، فالله يدعونا أن نبدأ العلاقة الصحيحة معه، و لا يعني أنَّك من خلفيَّة مسيحيَّة أنَّك قد نِلت الخلاص، فالتوبة و الإيمان هم الأساس، و الباب الآن مفتوح للجميع و خلاص المسيح مُقدَّم لجميع الأمم.
يقول الوحي المُقدَّس أنَّ الرب يسوع المسيح آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد، فهل ترغب بأن تصبح واحداً منهم؟؟
إن كنت ترغب بأن تتصالح مع الله و تبدأ الحياة الجديدة معه و
تتمتَّع بامتياز البنويَّة، صلّي هذه الصلاة من كل قلبك:-
" أيها الآب السماوي، أشكرك من أجل يسوع المسيح الذي أرسلته لأجلي، أنا أتوب عن خطاياي و أؤمن بالرب يسوع المسيح و بموته على الصليب لأجل فدائي و قيامته من الموت ليعطيني الحياة الأبدية.
أيها الرب يسوع المسيح: أنا أعترف بأنني إنسان خاطيء، أنا أقبَلُك بالإيمان، و من هذا اليوم سأبتديء بالسَّير معاك إلى اليوم الذي به ألقاك. أنا أفتح باب قلبي لتكون ملكاً عليه و أعطيك حياتي لتجعل منها كتُحفة فنيَّة كما يَحسُن في عينيك، أعطني الحياة الأبدية و اجعلني من أولاد الله. أشكرك لأنك سمعت صلاتي ..آمين.
إن كنت قد صلَّيت هذه الصلاة من كل قلبك فاعلَم أنَّ السيد المسيح قد دخل حياتك و أنَّ خطاياك قد غُفِرَت تماماً بشفاعته، إذ أنَّ وعد الرب صادق: (( هئنذا واقف على الباب و أقرع. إن سمع أحد صوتي و فتح الباب، أدخل اليه و أتعشَّى معه و هو معي( أي نكون في شركة
معاً) . رؤيا يوحنا الَّلاهوتي الإصحاح 3 العدد 20 .
و بعد أن بدأت العلاقة الصحيحة مع الله، أشجعك أن تُخصِّص من وقتك وقتاً لقراءة الكتاب المُقدَّس إذ أنَّ في ذلك بركة لحياتك. و أيضاً أشجعك بقضاء وقت مع الله بالصلاة، و لا تنسى دور الكنيسة في مساعدتك روحياً.
هنيئاً لك إن تُبت و قبِلت الرب يسوع المسيح فقد أصبحت من أبناء الله، و إلى الأمام.
" و أمَّا كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين بإسمه". ( إنجيل يوحنا الإصحاح 1 العدد 12)