• "دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم" - المحامي، مارتن كورش تمرس لولو

"دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ،"

(لوقا 18: 16)

أكيد المقصوين بهذا النداء هم الأطفال.

وردت كلمة "دعوا" في الأناجيل الثلاثة. (متى 19: 14 و مرقس 10: 14 و لوقا 18: 16).

عرف الرَّبُّ بأن معظم الأباء والأمهات يزجرون أولادهم بل لا يتأخرون عن استعمال العنف معهم، هذا هو أسلوب غالبية الأباء والأمهات في الشرق في تربية أطفالهم، ينسى هؤلاء أنهم حينما يستخدمون أياديهم بضرب وأقدامهم بخبط أطفالهم يعني أنهم يلغون إنسانيتهم بل يوقفون العمل بعقولهم بل يضربون إلى عرض الحائط المثل الذي ضربه لنا يسوع جاعلًا من الأطفال مثلًا حسنًا. علينا أن نأخذ به نكون مثلهم حينئذٍ فقط نستحق أن ندعى أبناء الله. في أساليب تربية الشرق ظلم نازل على رؤوس وأبدان الأطفال دون ذنب اقترفوه سوى أنهم لا زالوا أطفال لا يدركون الصالح من الطالح، لأن ما يستعملونه أنماط في اللعب واللهو خالية من الخباثة والبغض والكراهية، لذلك ضرب الرَّبُّ المثل بهم بل جعلهم مثالًا لنا نحن الكبار الذين نلحق بهم الضرر بسبب أساليب تربيتنا الخالية من المحبة والود والاحتضان والتوجيه. سؤال لطالما برز في مخيلتي ألا وهو: من من بين دول الشرق قادر على حماية الأطفال من عنف الوالدين؟ هل توجد قوانين تحمي هؤلاء الأطفال؟ نعم توجد لكنها حبر على ورق. أ لم يحن الوقت لكي نُفعلها كي نقدر يكون الأطفال في حماية من العنف الواقع على أجسادهم الصغيرة لا لشيء سوى لأن معظم أولياء الأمور يوقفون تنفيذ العمل بالعقل الذي به يقدرون أن يفهموا فلذات أكبادهم من خلال النقاش معهم ومعرفة أفكارهم واحتياجاتهم . سؤال آخر يبادر إلى الذهن، ما الذي يجعل معظم دول الشرق تتخلف عن اللحاق بركب الدول المتبنية لقوانين حماية الأطفال؟ أن معظم دول الشرق خاضعة لبعض المعتقدات والعادات التي تقنن العنف كأسلوب في التربية والتعليم. بل حتى المرأة حسب هذه التقنينات المجحفة بحق أبناء المجتمع، يُسمح للرجل تأديبها بالعنف. أن معظم المجتمعات من حول العالم قد بادرت منذ سنوات وأخذت بالأساليب الحديثة في التربية والتعليم. لذلك سنَّت قوانين جديدة وفقها منعت منعًا باتًّا ممارسة العنف والشتم والسب والإهانة، بل وضعت عقوبات ضد كل من لا يمتثل لهذه القوانين الحضارية في كل الأماكن التي يتواجد فيها الطفل (القاصر) سواء في البيت أو في المدرسة أو أي مكان آخر استوجب حضور الطفل فيه. كانت مملكة السويد أول هذه الدول التي تتقدم وتأخذ الطفل المعنف من قبل والديه وتقدمه لعائلة تحترمه وتحبه وتحتضنه دون أن تتأخر أية بلدية في المملكة عن تغطية كل مصاريف الطفل إلى سن الرشد (18). أن هذا التطور في أساليب وأنماط التربية والتعليم في المجتمعات المتحضرة لم تأت اعتباطًا بل نهض مصلحون وكتَّاب ومثقفون ونادوا بوجوب حماية الطفل والطفولة. إذًا لا بد أن ينهض في مجتمعاتنا في الشرق، أناس مصلحون يدعون المجتمع إلى التقدم وحماية الأطفال من عنف وشر الكبار سواء أ كانوا أولياء أمور أو معلمون. علينا في الشرق أن نبدأ بهذه النهضة الإصلاحية فيها نغير الأساليب البالية في التربية والتعليم، حتى نرتقي بفكر أولياء الأمور والمعلمين وكل من هو مسؤول عن الأطفال، نقدم برامج أخلاقية ونفسية نشرح فيها النتائج النفسية الخطيرة التي تنتج عن العنف بكل أشكاله الممارسة ضد الأطفال. لا ننكر أن العنف قد حُذر استعماله في الوسط التعليمي في معظم مدارس دول الشرق، لكن ظل شبحه قائمًا في كل بيت في الشرق. أ لم يحن الوقت لوقفه قبل استفحاله بهذا يتعرض جيل الطفولة إلى الضياع.

نصل في مقالتنا هذه إلى الهدف الذي أعلنه لنا يسوع المسيح "وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى 18: 3). هلَّا اتعظنا يا كبار وأوقفنا العمل بالضرب والخبط، لأن لا مبرر في تمادينا، بل هذا التمادي يعني رفض العمل بالمثل الذي ضربه لنا يسوع، ومن يقف ضد يسوع وتعايمه يعني يُحسب في خندق الشيطان. من المؤكد جدًا أن الرَّبَّ يسوع سيغضب وسيغتاظ منا لأننا نضطهد الأطفال. دعونا نتعظ ونأخذ بالعقل والنقاش خاضعين لروح القدس، في علاقتنا مع الأطفال حتى نقدر أن نطون ودعاء حتى مع الآخرين بشكل عام، بهذ نكون قد أصغينا إلى صوت يسوع المسيح وهو يوصينا قائلًا: "دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ." (متى19: 14) و(مرقس10: 14) و(لوقا18: 16).

في ختام مقالتي أطرح بعض الخطوات في علاج هذه الظاهرة:

  • على الكنيسة أن تدخل ما بين المُعَنِّف (الوالدين) والمُعَنَّف (الأولاد) من أجل تفهيم الجانب المعتدي مدى خطورة ممارسة العنف في الحاضر وجذب نظره إلى مدى خطورة النتائج المستقبلية النفسية (Psychology) والجسدية (Physiology) على الأطفال.
  • على الكنيسة فتح باب النقاش بخصوص هذه الظاهرة مع أولياء الأمور الأعضاء في الكنيسة من أجل التحذير من مخاطرها الآنية والمستقبلية.
  • على الكنيسة فتح قناة الحوار مع المشرع القانوني وأعضاء البرلمان، كل كنيسة والبلد الذي تكرز فيه ببشارة الخلاص من أجل تفعيل القوانين الخاصة بمنع العنف.
  • على الوعاظ في الكنيسة التنويه عن مخاطر هذه الظاهرة ووضع الحلول الموجودة في تعاليم يسوع المسيح، والتنويه إلى أن من يُعَنِّف الطفل والمرأة وغيرهما من الأصاغر يُحسب من الأشرار. لذلك وجب التوبة عن هذا العنف الذي بحد ذاته هو خطيئة.
  • ليس لي إلا أن أقول: يا رَبُّ احم الطفولة في أوطاننا.

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع