
يظن البعض منا بأن الصوم هو فقط الامتناع عن الطعام الناتج من لحوم الحيوانات ومنتجاتها لأن فيها (دم وروح)، أي الذي فيه روح وفي حالة ذبحه ينزف دما. لذلك تنوعت طرق الصوم والمعنى واحد. فالبعض يمتنع عن الطعام حتى النباتي من بعد العشاء إلى ثاني يوم وقت الغداء أو المساء وعند فطوره يتناول طعامًا نباتيًّا. أما البعض الآخر فيلتزم في صيامه بالطعام النباتي طيلة فترة الصوم، وغيرهم يصوم من شروق الشمس وإلى غروبها ( قضاة 20: 26 ) وعند الفطور يتناول طعامًا نباتيًّا.
نرى معظم العوائل في الشرق تترقب قدوم الصوم! حيث تبدأ الأم بتشجيع أبنائها وبناتها على التهيأ للصوم. وقد يتخلف بعضهم متعذرين بشتى الحجج الواهية! دون أن يتعرض الواحد منهم إلى الاجبار. لذلك ترى ربة البيت تطبخ نوعين من الطعام، للصائمين والآخر لغير الصائمين، عند حلول الأوقات الثلاثة في اليوم لتناول الطعام، يجلس أفراد العائلة حول مائدة الطعام في وقت واحد حتى يتناول الصائم طعامه والمفطر طعامه دون أية عملية عزل بين الصائمين وغير الصائمين، علمًا يحق للطرف الفاطر أن يأكل من طعام الصائم والعكس غير صحيح!
من المعروف عن الصوم الكبير ومدته 50 يوما والصغير ومدته 25 يوما، الأول يعتبر صومًا رَبَّانِيًّا (متى 4: 2)، لكن ينصح القساوسة بالالتزام بكل أيام الصوم في السنة. بمعنى أشمل للصوم، بالإضافة إلى الامتناع عن تناول كل طعام فيه (روح ودم) ونتاجاتها حتى لحوم الأسماك تعتبر مفطرة لأن في السمك روح ودم. بالصوم نحفظ نبني أرواحنا في محبة الرَّبِّ يسوع المسيح الذي منه تعلمنا الصوم. في فترة الصوم نحفظ صحتنا ونبتعد عن كل عادة سيئة مثل السكائر أو المشروبات الروحية. لكي ننال بركة الصوم علينا أن نحفظ نفوسنا وأرواحنا وعقولنا وأذهاننا وألسنتنا وعيوننا "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ."(متى 5 : 28). أن عدم الالتزام بالمعنى الحقيقي للصوم يعتبر نظام حمية (ريجيم) بهذا يخسر الصائم بركة الصوم حتى وإن خفض وزنه لأنه اعتمد على ذاته، لأن في الصوم "أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي،"(سفر المزامير 35: 13). نعم هناك صعوبة تقف مطبة أمام الصائم الذي يريد التوقف عما تعوَّدَ عليه من طعام ومن ممارسة سيئة، لذلك يجب التحلي بروح معنوية قوتها من الله الذي يريد لنا أن نرتقي إلى مستوى روحي رفيع لكي لا نُستعبدَ لأكلة أو عادة سيئة، بل نتوب عنها لأن كلها فانية "بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، قَالَ الْجَامِعَةُ: بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ."(سفر الجامعة 1: 2). ليس الصوم سهلًا إن اعتمد الشخص على قوته الجسدية، لأنه لا بد أن ينهار أمام الشيطان أو يكون قد أخذ (متى 6: 16)، أجره. أن الصوم هو تقرب إلى الله وحصول على قوة من الروح القدس، هذه القوة الإلهية هي القادرة على حفظنا من الوقوع في مطبات الخطيئة! وهي تأتي بطاعة الله والصلاة التي فيها نسأل الله أن يقوينا في صيامنا ونحن نعتمد على الرَّبِّ يسوع" له كل المجد" كي ننال البركات "فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا." (متى4: 2).
لو قام الواحد منا بعملية حسابية بسيطة عن عدد أيام الصوم في السنة لوجدها كما يلي:
104 مجموع أيام صوم الأربعاء والجمعة.
14 يوما صوم القديسة مريم العذراء.
3 أيام صوم باعوثة.
25 يوما الصوم الصغير.
50 يوما الصوم الكبير.
المجموع الكلي لأيام الصوم أعلاه في السنة = 196 يوما.
إذًا 196 ÷ 30 يوما= 6 أشهر وعدة أيام. لو قمت أيها المؤمن بيسوع المسيح يا أخي في الرَّبِّ بالتمسك بالصوم في أيام السنة كلها، يعني لا محالة ستنال البركة الروحية التي فيها تغيير لنمط الحياة بالامتناع عن كل عادة سيئة. أضف إليها الفائدة الصحية لجسدك بتناولك الطعام النباتي الذي يوصي به كل الأطباء من حول العالم. يعني بركة روحية من الله مع صحة للبدن مع تهذيب الأخلاق وتقويم السلوك! كأنك تعيش نمطًا جديدًا، القائم عليه هو الرَّبُّ يسوع " له كل المجد".
إذًا هيا يا أخي نصوم لننال البركات الكثيرة ونسحق قوى الشيطان والشرير وقد أوصى الإنجيل "وأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ." (متى17: 21). بهذا وعن إيمان نكون في كل صوم مع الرَّبِّ كل حين ليس لحسنة فينا لأننا خطاة بأعمالنا لن نخلص أبدًا حتى لو صمنا كل العمر بل بالنعمة الممنوحة لنا من يسوع المسيح الذي دفع ثمن خطايانا على الصليب. لنلتزم بالطاعة والصلاة والصوم حتى نقدر بقوة الروح القدس من اخضاع الجسد للروح. عذرًا إن كنتُ قد نسيت أصوام أخرى، يمكن للقارئ أن يضيفها في تعليقه.