• بدون أعذار - عصام نسيب عودة
بدون أعذار - عصام نسيب عودة

كثيرا ما نحاول أن نتهرب او نتملص من وصايا او مهام طلبها منا الوحي، محضرين ذرائع لمحاولة اقناع نفوسنا اولا، ثم الاخرين، بصدق تملصنا وبعدم طاعتنا، فالحذار الحذار من هذه الوضعية.

إذا رجعنا للكتاب المقدس نرى هناك أمثلة تشخص مثل هذه الحالات، نذكر منها شاول الملك، الذي ابقى على خيار الغنم وكذلك ملك عماليق، الذي يمثل الشيطان او الجسد او محبة الاشياء التي في العالم، وكل هذا بعد ان اوصاه صموئيل النبي بتحريم كل ذلك، فما كان من شاول الا اختلاق الأعذار عندما "علّل" عصيانه بذريعة الذبح للرب الهه، فأتته الإجابة القاطعة ان مسرة الرب ليست بالذبائح بل بإطاعة صوته.

مثال اخر نراه في بلعام بن بعور، الذي كان نبيا للرب، بل وكان قريبا من الله بحيث انه تكلم مع الله وكان الله يجيبه. مشكلة هذا النبي انه كان محبا للمال، فبالرغم من وصية الله الا يذهب مع رسل الملك بالاق، ومع انه عرف انه لا ينبغي أن يلعن الشعب الذي عرف الله وباركه الله، إلّا ان حلوان العرافة أعمى عينيه وحوّل قلبه عن طاعة صوت الله، فكانت نهايته صعبة للغاية.

المشترك في كلا المثلين هو العصيان، والأصعب من ذلك هو الأعذار التي احضرتها كل من الشخصيتين، والتي نبعت من التمركز حول الذات في حياة شاول الملك، ومحبة المال لدى النبي بلعام.

لقد أدرك كل من الاثنين وصية الرب، وقد كانوا في درجة عالية من الإيمان والسلطة، ولكن، ولشدة الاسف، سقطا بفخ التمركز على الذات ومحبة المال، فطعنوا أنفسهم باوجاع كثيرة، وكانت نهايتهم العطب والهلاك.

ان العمل بوصية الله وطاعتها لهو بالأمر الصحيح، مع كل التحديات في طريق تحقيقها والعمل فيها، والخطر كل الخطر ان نعيش حياة العصيان، ونجلب الاعذار لعصياننا، مغذّاة بدوافع جسدية وغير نقية، وبالتالي نخدع نفوسنا باننا طائعين لكلمته، بينما نحن في قمة العصيان والبؤس والشقاء.

صلاتنا ان الرب يحمينا من حياة العصيان، وتغطية عصياننا وعدم طاعتنا بالأعذار، بدوافع جسدية وغير نقية، فيصبح العذر أقبح من الذنب نفسه. ليت الرب يعطينا قلبا تائبا كداود الملك، الذي لم يتردد بأن يتوب بدموع ويرجع الى الله بسبب خطيته وعصيانه، حتى ان الله وجده بحسب قلبه ويعمل مشيئته.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع