• كُتيب الثالوث الأقدس – بقلم القس د. حنا كتناشو
كُتيب الثالوث الأقدس – بقلم القس د. حنا كتناشو

كيف يكتشفُ المسيحيون هويةَ الله؟ كيف يفهمُ المسيحيون طبيعةَ الله وصفاتِه؟ يختلفُ هذا السُّؤال جذرياً عن اكتشافِ الحقائق العلمية أو الآثار أو غير ذلك. فهو يتطلبُ منهجاً خاصاً بسبب موضوع البحث. فنحن البشر لا نستطيع أن نضعَ اللهَ في أنبوبةٍ في مختبر كيميائي أو أن نفحص الكينونةَ الإلهيةَ تحت مجهر الحواس الخمسة. ونسأل على سبيل المثال لا الحصر، كيف نكتشف أنَّ اللهَ موجودٌ في كل مكان؟ هل نركبُ السفنَ الفضائية ونتجولُ في الكون لنفحص ونعرف بالتحقيق أنَّ هذا الادعاء صحيحٌ؟ هل نذهبُ إلى السَّماء ثمَّ نهبط إلى الهاوية لنفحص إن كان اللهُ موجوداً هناك؟ هل نستخدم جهازاً خاصاً يُصدرُ الأصواتَ في كل مرة يكون فيها اللهُ حاضراً؟! وكيف نكتشفُ أنَّ الله قادرٌ على كلّ شيء؟ هل نختبر قدرتَه في كلّ الظروف وكلّ الأوقات لنفحص صدق هذه الادعاء؟ وهل نستطيعُ أن نختبر قدرتَه في كلّ شيء؟ أضف إلى ذلك، كيف نتأكّدُ أنَّ الله روحٌ أو أنَّه محبةٌ أو أنَّه واحدٌ في ثلاثة أقانيم؟ سأبدأ حديثي بالتأكيد أننا نتحدث عن مبادرة الله في انكشافه لنا وليس مبادرتنا البشرية في اكتشاف الله.

لا شكَّ أنَّ اكتشاف طبيعة الله وصفاته يتطلب توجهاً يختلف عن التوجه الكيميائي أو المنحى المتعلق بالعلوم الطبيعية أو حتَّى بالعلوم الإنسانية. فنحن نكتشفُه عندما يُعلن عن ذاته سواء أكان بالأنبياء أم بالرسل أم بالطبيعة أم بطرق أخرى. نكتشف أنَّ الله روحٌ وأنَّه موجودٌ في كلّ مكان وقادرٌ على كلّ شيءٍ بنفس الطريقة التي نكتشفُ بها أنَّه واحدٌ في ثلاثة أقانيم. يُشير كاتبُ سفر العبرانيين إلى أن الله أخذ المبادرةَ في كشف نفسه. ويقول: اللهُ بعد ما كلَّم الآباءَ بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه (عب 1: 1-2). تُذكّرنا هذه الآية بدور السيد المسيح في كشف مشيئة الله بل في انكشاف الله ذاته.

ليس التحدي كائناً في فهم الثالوث أو في كشفه بل في انكشافه لنا بعد أن أعلن الوحي عنه مرات كثيرة.  فالإنسان غير قادر وحده على اكتشاف الله بل يحتاج إلى مبادرة إلهية. فالله لم يره أحد قط، وكما علت السماوات عن الأرض هكذا علت طرقُ الله عن طرقنا وأفكارُه عن أفكارنا. فكيف نكتشفُ من لا بداية له ومن هو موجود بكليته في كل مكان وفي كل آن وزمان؟ طبعاً، أنا لا أستهين بالمنطق والفلسفة والأدلة المقنعة لكني استخدمها للتعمق في التفاعل مع الانكشاف الإلهي وليس لكشف الله. وهكذا يتحوّل السؤال من كيف نفهم أو نكتشف الثالوث إلى كيف ينكشف الثالوث؟ أقدم لكم هذا الكتيب الصغير لنتأمل معاً في انكشاف الثالوث الأقدس الإله الواحد في ثلاثة أقانيم.

 

الكُتيب متوفر على الرابط التالي

https://www.nazcol.org/ar/wp-content/uploads/sites/3/2025/02/The-Holy-Trinity-Booklet-Katanacho-For-Electronic-Version.pdf

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع